قد بان عذرك والخليط مودع

قد بانَ عذرُك والخليطُ مودَّعُ

وهوَى النفوسِ مع الهوادج يُرفعُ

لك حيثما سمت الركائب لفتةٌ

أتُرى البدورُ بكل وادٍ تَطلعُ

لله مطوىٌّ على زفَراتهِ

لم يقضِ من ظمأ ولا هو يَنْقَعُ

قرُبت أمانىُّ النفوس وعندَه

أملٌ تخُبُّ به الركابُ وتوضِعُ

ونأتْ مَطارحُ قلبه عن سمعه

فالعاذلون بهنّ حَسَرى ظُلَّعُ

ما خاف في ظُلَمِ الصبابةِ ضلَّةً

إلا ودلَّتْه البروقُ الُّلمَّعُ

في الظاعنين من الحِمىَ ظبىٌ له ال

أحشاءُ مرعىً والمآقى مَكرَعُ

ممنوعُ أطرافِ الجمال رقيبُه

حذِرٌ عليه والغَيورُ البرقُعُ

عهِدَ الحبائلَ صائداتٍ شِبهَهُ

وارتابَ فهو لكلِّ حبلٍ يقطعُ

لم يدرِ حامِى سِربهِ أنِّى إذا

حُرمَ الكلامُ له لساني الإِصبعُ

وإذا الطُّيوف إلى المضاجعِ أُرسِلت

بتحيةٍ منه فعينى تسمعُ

ويح الألى انتجعوا الغمامَ وعندهم

بين المحاجرِ ديمةٌ ما تُقلعُ

لجؤا إلى عزِّ الخدور وفي الحشا

بيتٌ أعزُّ من الخدور وأمنعُ

هل من قِبابهم اللواتي رفَّعوا

مبنيَّةٌ أطنابهُنَّ الأضلُعُ

لهمُ مَصيفٌ في الفؤاد ولو سُقىِ

ماءَ الوصال لكان فيه مَربَعُ

يا كاسرَ النَّجلاءِ تُرسل نظرةً

خَطفا كلحظ الريمِ وهو مروَّعُ

لسوى أسنّتك المِجنُّ مضاعَفٌ

ولغير أسهمك السوابغُ تُصنَعُ

لي حيلةٌ في كلّ رامٍ مُغرِضٍ

لو أنه في غير قوسك ينزِعُ

أطيِبْ بأطلالِ ألأراك ونفحةٍ

باتت بمسراها الرجالُ تَضَوَّعُ

ومواقفٍ لم ألقَ مَولىً راحما

فيها ولم أظفرَ بخِلٍّ يشفعُ

لولا الذين البيدُ من أوطانهم

ما كان يملِكنى الفضاءُ البلقعُ

آنستُ من أطلالهم ما أوحشوا

وحفِظتُ من أيّامهم ما ضيّعوا

ورضيتُ بالمُهدِى إلىّ نسيمَهم

إن المحب بما تيسَّر يَقنَعُ

ولقد حللتُ حُبَى الظلام بفتيةٍ

ألِفَتْ وجوهَهُم النجومُ الطُّلَّعُ

قَرَوُا الهمومَ جسومَهم ونفوسَهم

وبطونُها بسواهُمُ ما تشبعُ

وسَرَوا بأشباحٍ تَجاوَزها الردى

إذ لم يكن فيها له مستمتَعُ

لاقتْ بهم خُوصُ المهارىَ مثلما

لاقى بأربَعِها الثرى واليَرْمعُ

في حيثُ لا زَجَلُ الحُداة مردَّدٌ

خوفَ الهلاك ولا الحنينُ مرجَّعُ

قلِفَت بهم قلقَ اللديغ كأنما

ظنَّت سياطَهُمُ أراقمَ تلسعُ

فَتل الدُّءوبُ لحومَها بشحومِها

فتشابهت أثباجها والأنسُعُ

متباريات بالنَّجاء كأنما

وضَعت رهونا سُوقُها والأذرعُ

وإلى عميد الدولة اعتسفت بنا

أنضاؤها حتى هناها المريَعُ

من عندَه الظلُّ الظليلُ ومنهلُ ال

عذب المصفَّق والجنابُ المُمرِعُ

والغادياتُ السارياتُ بريقُها

ولِبانُهَا يسقى الرجاءَ ويُرضعُ

ما زال يُفهمنا العلاءُ صنيعَه

حتى علمنا ما الأغرُّ الأروعُ

يخشى سهامَ الذمّ فهو مالما

ومحاربا بنواله يتدرَّعُ

غرسَ الصنائعَ فاجتنى ثمراتِها

شكرا وكلٌّ حاصدٌ ما يزرعُ

عيدانُ مجدٍ لا تلين لغامزٍ

وجبالُ عزٍّ مَرْوُها ما يُقرَعُ

ومناقبٌ يقضىِ لها متعنِّتٌ

في حكمه ويجيزها متتبِّعُ

كم أزمةٍ خَرِسَتْ رواعدُ سُحبها

وسحابةٍ فيها خطيبٌ مِصقَعُ

وإذا المطالبُ باللئام تعثَّرت

ظلّت مواهبُه بهنّ تُدَعدِعُ

تِبعوا مساعَيهُ فلمّا أبصروا

بُعدَ المسافة أفردوه وودَّعوا

إنّ المعالىَ صعبةٌ لا تُمتطَى

والمأُثَراتُ ثنيَّةٌ ما تُطلَعُ

يقِف الثناءُ عليه وقفةَ حائرٍ

ممّا تسُنُّ له يداه وتشَرَعُ

إن قصَّرت مُدّاحه عن وصفه

فعجائب البحرين ما لا تُجمعُ

قلِقُ اللواحظ أو تقرَّ بزائرٍ

كالمضرحىِّ لصيده يتوقَّعُ

فهناك أبلجُ ما وراء لثامهِ

ملأنُ من ماء البشاشةِ مُترَعُ

هو قِبلةُ المجد التي ما مِلَّةٌ

إلا وتسجُدُ نحوها أو تركَعُ

تتناسب الأهواءُ في تفضيله

والقولُ في أديانها يتنوّعُ

عِلماً بأنّ الشمس ما في عينها

رمَدٌ ولا ثوبُ السماء مرقَّعُ

يا دهرُ لا تَعِرضْ لمن آراؤه

في مَفِصل الجُلَّى تَحُزُّ وتَقطعُ

لطُفَت وجلَّ فعالها ولطالما

نزحَ النجيعَ من العروق المِبْضَعُ

وله عزائمُ ضاق عنها ذَرعُه

كالسيل غصَّ به الطريقُ المَهيعُ

شوسٌ إذا استدعتْ أنابيبَ القنا

أبصرتَها من سُرعة تتزعزعُ

إياك تنِحتُ في جوانبِ كُدْيةِ

بالحارشِينَ ضِبابُها لا تُخدعُ

أنسيتَ إذ قارعتَه عن مجده

فرجعتَ مفلولا وأنفُك أجدعُ

أيّامَ جاهدَ في أبيه بهمّةٍ

هجعَ الظلام وعينُها ما تهجَع

حتى اطمأنَّ من الوزارة نافرٌ

وثُنى إليه لِيتُها والأَخدعُ

واستُرجِعتْ عذراءَ لم يَنعَمْ بها

بعلٌ كما ارتَجع الوديعةَ مودِعُ

ومشى أمام جيادهِ مستقبِلا

من كان أمسِ وراءَ هن يُشيِّعُ

بالرفق تنحطُّ الوعولُ من الذُّرى

ويصاد يَربرعُ الفلا المتقطِّعُ

هذا أميرُ المؤمنين وظنّه

بالغيبِ مِرآةٌ تضىء وتلمعُ

لما تنّسم من شمائِل عِطْفهِ

ارجَ الكفاية فائحا يتضوّعُ

ناجاه بالوادي المقدّس نابذا

كَلِماً تلين لها القلوبُ وتخشعُ

ومساه من حُلل الدِّمَقْسِ جلابيا

كالروض بل منه أغضُّ وأنصعُ

فكأنها نُسجَت بجِنَّةِ عبقرٍ

أو ظلَّ يرقُمها الربيعُ ويطبَعُ

لو أنها دِمَنٌ أقامت بينها

وُرْقُ الحمائم تستهِلُّ وتسجَعُ

إن أُكملتْ حسنا فقد زُرَّت على

جسدٍ يكلَّل بالعلا ويرصَّعُ

وأعاضه من تاج فارسَ عِمةً

إذ عنده تاجُ الأعارب أرفعُ

كالليل إلا أها قد طُرِّزت

شفَقا على أفاقها يتشعشعُ

ما اشرقُ الألوان إلا سُودُها

ولأجل ذا لونُ الشبيبة أسفعُ

أمثالُها فوق الرؤوس وهذه

فوق الرزانةِ والحصانة توضعُ

وحباه من قُبّ العتاقِ بضامرٍ

كالذئب زعزعَ مَنِكبيْه مَطمَعُ

لا تُثبِت العينانِ أين مقرُّهُ

في الأرض لولا نقعُه المترفِّعُ

يقظانُ تحسَب سَرجَه ولجامَه

في لُجّة أمواجُها تتدفَّعُ

يخطو فيختصر البعيدَ من المَدى

بقوائم مثلِ البليغ تُوقِّعُ

بالسبق منفردٌ بلَى في مَتنه

منه إلى طُرُق المعالى أسرعُ

إِن الخليفةَ للزمان وأهلِهِ

طَودٌ من الحَدَثانِ لا يتضعضَعُ

هو في الدجى بدرٌ ينير وفي الضحى

شمسٌ لها في كل أفْقٍ مطلعُ

وبنو جَهيرٍ دَوحةٌ في ملكه

أفنانُها وغصونُها تتفرّعُ

بوزيرها وعميدِها وزعيمِها

وجهيرها أبدا يُضَرُّ ويُنفَعُ

القارحُ الموفى عليها سابقٌ

ورَباعُها وثَنِيُّها والمُجذِعُ

كلٌّ له يومَ الفخار مناقبٌ

ثمَّ الأكابرُ فضلُها لا يُدفَعُ

لله أربعةٌ بهم هذا الورى

وكذا حكَوْا أن الطبائع أربعُ

أمحمدُ بن محمدِ بنِ محمدٍ

وعُلاكَ منِصتةٌ تجيبُ وتسمَعُ

لا كان هذا الدهرُ إن عطاءَهُ

بالله يسمُجُ في العقول ويفظُعُ

ما بال أقوامٍ به لو أُنِصفوا

رُدّوا على باب النجاح ودُفِّعوا

ما كان قطُّ لهم على دَرَج العلا

مرقىً ولا عند الصنيعة موضعُ

وأرى المعايشَ بينهم مقسومةً

كالغُنم يُخمَسُ تارة أو يُربَعُ

وأعابهم نفرٌ بلا سببٍ سوى

أن المعايبَ بين قومٍ تَجمَعُ

أأُذادُ عن بَرْدِ الحياض ومثلُهم

يُدعَى إلأى العَذبِ الزلالِ فيكرَعُ

فابذُرْ عوارفَك الجسامَ بتُربةٍ

يزكو بها ثمرُ الجميلِ ويونعُ

هذا مقالى إن هززت فعنده

ما يَحسُنُ المطبوعُ والمتطبِّعُ

ويدى إذا استخدمتَها وبسطتهَا

حسدتْ أناملَها الرياحُ الشُّرَّعُ

ما بي إلى الشفعاء عندك حاجةٌ

ولسان فضلك شافعٌ ومشفِّعُ