ارتحال

لا أرض للقمر المبعثر في سماوات الرحيلْ

سفرٌ إلى سفرٍ..

وحلمٌ بالوسادة والنعاس ..

ويَدٌ تحيك الريح ذاكرةً وتومئ للفصولْ .

لا ماءَ يمسحُ عن تجاعيد السنا وجعَ اليباس ،

لا دفءَ يوقظ في المآقي شهوةَ الغفوِ الجميلْ .

حطَّتْ على شفتي القصيدةُ ،

قبّلتْ صمتي .. وناحتْ ..

حرّكتْ جمر الحكايات العتيقةِ .. حين باحتْ ،

قلتُ : يا سهدُ استفق

وتقمَّصي يا روحُ موّالاً جديداً ،

هاتِ ياترحالُ راحكْ..

حسبنا من غيمة الأحلامِ ظلٌّ لا يظلُ،

وصهوةٌ من لهفةِ الكلماتِ ترتكب الصحارى حيثُ راحت

عِمْ حريقاً أيها الزمن الهلاميُّ الأماني ،

أرهقتنا نهدة الترحالِ فيكَ ،

فقلْ متى تفشي صباحكْ ….

عندما تدع الحقول رموش حنطتها وتنأى ،

أستظلُّ صقيع صمتي …

ويصير وجهكِ موطناً

ويصير عطر الياسمين يداً تدغدغ ما تبقى من ثغاء الحرفِ

في فلوات صوتي..

أعدو إليكِ كأنني قدرٌ ،

كأنَّ المستحيل الصعبَ أنتِ …

ويصدّني عسَسٌ تقفّى لهفتي

وارتاعَ حين نبشتُ موتي..

_ من أنتَ ؟

_ نايٌ لم يجد قمراً يسامرهُ فأغمض لحنه العاتي .. ونامْ

_من أنتَ ؟

_ نيسانٌ أخيرٌ قابَ صحرائينِ غادرهُ الغمامْ …

مازلتُ أؤمنُ أنّ وجه الليل أنثى ،

أنّ نافذة النشيدِ تصير منفى حين يهجرها الهيامْ …

فخُذوا المدائنَ والخزائنَ واتركوا وطناً أخيراً في دمي ،

لأظلَّ أعلنُ للمدى حبقي

وأعلو في مدار الحبِّ أغنيةً تكحِّلُ بالسنا لهَفَ الكلام .

مازلتُ أنتظر البلاد الّلا تجيءُ لكي تجيرَ دمي وتختتمَ الحِداءْ .

مستوحداً .. تجتاحني اللغةُ التي أحتاجها كلَّ انطفاءْ ،

لأفرَّ من وجهي إلى وهجي …

وأرتشفَ الندى من خضرة المعنى

وأحتضن القصيدةَ ،

كلّ أنثى راودَتْ لغتي مضتْ ..

وبقيتُ وحدي في المساءْ ..

نمْ يا لهيبَ الشعرِ .. نمْ

( أُوْلِيْسُ ) عادَ .. وما رجِعتُ إليَّ من سفَرِ الخواءْ ..

لا برّ يمنحني الوصولَ ،

ولا يدٌ في الغيب تنسج حبيَ النائيْ نشيداً

ثمَّ تبتهلُ الدعاءْ …

نمْ .. واحضن الأحلامَ والقمرَ البعيدَ ،

لعلَّ صبحاً يوقظ الميناءَ فيكَ ،

ويكنس الزمن الهباءْ …