بيت بلا معناه

بيتٌ .. يضمِّد بالسكونِ خرابَهُ

و يضمُّ في ظمأِ الحنين..سرابَهُ

عارٍ من الأيامِ.. منذُ فجيعةٍ

داستْ بأقدامِ الأسى أعتابَهُ

يتصفَّحُ الذكرى.. وحيداً كلّما

فتَحتْ رياحُ الراحلينَ كتابَهُ

و تمدُّ (ياءَ ) الشوقِ.. شرفتُه التي

غرَسَ الخواءُ بحضنِها.. أنيابَهُ

لا ماءَ.. كان الغيمُ هاجرَ مُذْ رأى

حقلاً بلا كفٍّ.. تَحيكُ ثيابَهُ

لا شمسَ يَرضعُها الصباحُ.. تَيَبّسَتْ

يومَ الدخانُ طغى.. و مدَّ سحابَهُ

(هل ترجعُ الأفراحُ !)..

يسألُ موقدٌ

و يطولُ ليلٌ .. بالـرمادِ أجابَهُ

و تُردِّدُ الأبوابُ ..موّالَ الصدى

يا أمّهاتِ الوجدِ.. يا أبوابَه

و يهيجُ عقمُ الدربِ..

هلْ منْ خطوةٍ

تمْحو بأزهارِ الإيابِ يبابَهُ

بيتٌ بلا معناهُ.. أيُّ متاهةٍ

.. ألْقَتْ إلى قعرِ النوى غُيّابَهُ

***

في الحَرِّ تحكي وردةٌ .. لمّا تزلْ

وهْناً على وهْنٍ

تواسي بابَهُ

( قد كان .. يا ما كانَ ..

في وضَحِ المنى

بيتٌ.. بنَتْ كفّ الحياةِ شبابَهُ

أتذَكّرُ الأضواءَ.. كم لعبتْ هنا

و هُنا..

هنا صبَّ الشذا أكوابَهُ

شجرٌ يرشُّ الظلَّ..

عزْفُ حديقةٍ

قمرٌ.. و قنطرةٌ تعبُّ رضابَهُ

شَلّالُ قمحٍ في الحقولِ..

و دبكةٌ في الساح

إنْ قالَ الربيعُ خطابَهُ

و الوقتُ كان حمامةً..

كان الجّنى

ثوباً.. يزمّلُ بالرضا طلّابَهُ

أهلٌ ..

على خبزِ الكفافِ تجمّعوا

و بصورةِ الحبِّ الثريِّ ..تشابهوا

كبروا..

و دفءُ البيتِ يسقيْ حلمَهم

و يبثُّ في أعمارِهمْ أطيابَهُ

لم يرفعِ الأسوارَ..

كانَ مشرَّعاً

يُهدي لزوّارِ النسيمِ رحابَهُ

لم يدرِ..

أنَّ الكرْمَ يُغري ثعلباً

لبسَ القناعَ.. مراقباً أعنابَه

و بأن شوكَ الشك..

ذاتَ غوايةٍ

سيغزُّ في زهرِ اليقينِ حِرابَهُ

و أتى زمانٌ سامريٌّ..

يومَها ..

ضلَّ الأحبةُ.. صدّقوا أنصابَهُ

كسروا إناءَ النور..

كيفَ بلحظةٍ

كلٌ رمى الحِمْلانَ..

سلَّ ذئابه؟

نادتْهُمُ الأبوابُ..

لمْ يتوقّفوا

و انهدَّ قلبُ البيتِ..

حينَ تجابهوا)

***

يا بيتُ.. يا أيوبَنا..كم نكبةٍ

و فمُ اصطبارِك.. يحتسي أوْصابَهُ

(سيزيفُ ) سرّحَه العناءُ.. و لم يزلْ

فيكَ الهوى.. صخرُ الفراغِ عقابَهُ

لم تيأسِ النظراتُ.. من نبْشِ المدى

ما كَلَّ غصنٌ.. يشتهي أسرابَهُ

صرّخْ على الأحبابِ.. إنَّ جذورَهم

عطشى لميناءٍ.. تضمُّ ترابَهُ

لا لنْ يموتَ الوردُ.. يحكي تائقاً

أن يبْذرَ الأمسُ الخضيلُ إيابَهُ

فلعلَّ درْسَ النارِ.. يجلو في غدٍ

ذهَبَ الأخوّةِ..من خبيثٍ شابَهُ

فتفيقُ منْ رحمِ الرّكامِ.. خميلةٌ

و يُمزّقُ الصبحُ السجينُ حِجابَهُ.