ألقلب من حذر النوى ملآن

أَلقلبُ من حَذَرِ النَّوى مَلآنُ

وَالصَّبرُ مِن فَرطِ الهَوى وَهنانُ

قَد كَان يُمكِنُني أُكَاتِمُكَ الهَوى

لو صَحَّ من أهلِ الهَوى كِتمَانُ

فَالحُبُّ يُخفِيهِ المُحِبُّ عنِ الوَرى

مَا لَم يَقُم في وَجهِهِ بُرهَانُ

حَانَ الفِرَاقُ أَبا الحُسينِ فَأسعَدت

جَفني الدُّمُوعُ وَخانَني السُّلوَانُ

كُنَّا وَكُنتم وَالزَّمَانُ صَفَت لنا

أَوقَاتُه وحَسودُنا غَيظَانُ

والآن قَطَّبَ وَجهَهُ الدهرُ الخَؤو

نُ ومِن قَديمٍ دهرُنا خَوَّانُ

فَتغيَّرت أوقَاتُنا وَمَنِ الَّذي

تَصفو لَه الأَوقَاتُ والأزمانُ

لاَ تَعتَقد صَفواً يَدومُ لأهلِهِ

ذِهنُ اللَّبِيبِ عَنِ المُحَالِ يُصَانُ

هلا وَقفتَ إِلى مُحبٍّ ريثَما

يَشكُو الجَوى فَتُخَفَّفُ الأحزَانُ

يَرجُو السُّلُوَّ لِمَا بِهِ مِن لَوعَةٍ

لَو كَانُ يُوجدُ عندكم سُلوَانُ

وَإِذَا أسَرَّ هَوَاهُ يُعلِنُهُ الأسَى

هَل يَستَوِي الإسرَارُ وَالإعلاَنُ

فُجِعَت بِكَ القُرَّاءُ والكُبَرَاءُ وال

أُمَرَاءُ وَالوُزَرَاءُ والسُّلطَانُ

وَتَرَكتَ بَعدَكَ يا عليُّ مَآثِراً

بِبَقَائها تَتَكَفَّلُ الأزمَانُ

هذي السَّعادةُ كُلَّمَا دبَّجتَها

فُتِنَت بِسِحرِ بَيَانِها الأَذهانُ

كَم مِن مَقَالاَتٍ بها نَمَّقتَها

فَتنافَسَت بِحَديثِها الرُّكبَانُ

أبقَيتَهَا أثَراً لإخوانِ الصَّفَا

تَصبُو لَهمُ إن هَاجَتِ الأشجَانُ

وَالكَاتبُ الفَنَّانُ مَنَ قالَ البَيا

نُ له لأنتَ الكَاتِبُ الفَنَّانُ

أوَ حِينَ أعجَلكَ الطَّبيبُ عَنِ الذَّها

بِ إلى رُبُوعٍ بِالرُّبى تَزدَانُ

أسرَعتَ مُمتَثِلاً بِغَيرِ تَهَاوُنٍ

إنَّ الطَّبِيبَ تَخافُهُ الأَبدَانُ

أو هَزَّكُم شَوقٌ لها أم هَزَّها

شَوقٌ إِليكَ وَرَحمَةٌ وَحَنَانُ