إسألوني عما رأيت بعيني

إسألُونِي عَمَّا رَأيتُ بِعَينِي

إن تَشَاؤوا الحَديثَ عن بَسيُوني

قَد أقَمنَا بِمَكَّةٍ واجتَمَعنَا

بعدُ فِي مَسجدِ النَّبِيِّ الأمِينِ

والتَقَينَا بِجَدَّةٍ وَرَكِبنَا

زمزماً بعدُ فَخرَ كُلِّ سَفينِ

وَسَأَحكِي مَا قد رَأيتُ إلَيكم

صَدِّقُوني فِي القَولش أَو كَذِّبُونِي

مَا تَراهُ بِمَوضِعٍ حَلَّ إِلاَّ

وتَرى حَولَه مِئينَ المِئينِ

فُوفود الأعيَانِ مِن مِصرَ والشَّا

مِ وهِندٍ ومَغربٍ والصِّينِ

وسِوَاهم مِمَّن أتَوهُ لِيَجنوا

من حدِيثٍ يُسلي فؤادَ الحَزينِ

ثمَّ مُنتَظِرٌ لِحَفلٍ دَنَا وَق

تُه والوَقتُ ثَمَّ جِدُّ ثَمينِ

ذَاكَ مُستَمنَحٌ بِلُطفٍ وهذا

كَ بعُنفٍ كَدائِنِ لِمَدينِ

وسِوَاهُ كأنَّهُ عَسكَرىٌّ

سَائلٌ عَن تَوزِيعِه لمؤونِ

وَرَسُولٌ منَ المَلِيكِ أتَاهُ

سَائِلاً أَن يُجِيبَهُ فِي الحِينِ

وَهوَ مَا بَينَ ذَا وذاكَ تَرَاهُ

فِي ابتِسَامٍ وطَلقَةٍ مِن جَبِينِ

مُرسِلٌ تِلوَ نكتَةٍ نُكتةً أُخ

رى مُجيباً عَن كُلِّ تلكَ الشُّؤونِ

وَهوَ مِن مُعوِزٍ لِحَالِهِ شاكٍ

جابِرٌ صَدعَ مُعوِزٍ مِسكِينِ

فَيُرضِي خَوَاطرَ الكُلِّ حَتى

لاَ ترَى غَيرَ شاكِرٍ مَمنُونِ

وَببَعضِ الأحيَانِ يَرسُبُ مِنهم

كم ثَقِيلٍ كأَنَّه ريبُ المَنونِ

فِيلىُ الرُّوحِ وهوَ يَحسِبُ أنَّ الرُّ

وحَ منهُ فِي خِفَّةِ الأُكسِجِينِ

ليسَ تُجدِيهِ مَعهُمُ ساعةٌ تُخ

رَجُ مِن جَيبِ صَدرِهِ كلَّ حِينِ

ربَّما رَاحَت تَستَرِيحُ قَلِيلاً

ذَاك ظَنِّي وقد تَخيبُ ظُنُوني

وهو في كلِّ مَحفِلٍ كان يُلقي

مِن خطابٍ كَاللُّؤلُؤِ المَكنُونِ

فِي بَيانٍ وفي عُذُوبةِ لَفظٍ

فَتَرى النَّاسَ فِي تَثَنِّي الغُصُونِ

كِدتُ أنسى بهِ السيارةُ غَاصت

بينَ مستورةٍ وبئرِ الحصينِ

فِي جِبَالٍ منَ الرِّمَالِ وإِن غَا

صت فَما غَيرُ راكِبٍ من معينِ

جَمَعَ الدَّافعينَ يَبُذلُ جُهداً

وشِمالٌ لم تُغنِهِ عن يَمينِ

كِدتُ أنسى زيَّارةَ الطُّورِ لَمَّا

زَارَ مِنَّا في الطورِ كُلُّ خَدينِ

هِىَ حَقًّا في الطورِ واللهِ كَانت

مِن سَجينٍ زِيارَةٌ لِسَجينِ

مِنهُ كُنَّا كَهَالَةٍ حَولَ بَدرٍ

ثُمَّ هَذا التَّشبيهُ لاَ يَكفِيني

كانَ منَّا كَمِعصَمٍ مِن سِوَارٍ

بِهِ طُفنَا طَوَافَ سورٍ مَتينِ

أنَا مَالي وَلِلفُضولِ بِقَولِي

إنَّ هذَا الفضولَ لاَ يَعنِيني

كَالعُطاسِ الفُضُولُ لا مِن مَرَدٍّ

لهُ إن جاءَ رَبَّهُ فاعذِروني