جاء الذي قد كنت منه تحذر

جاءَ الذي قد كنتَ منه تحذُر

يا أيُّها الطِّفلُ الصَّغيرُ الأَطهَرُ

حَمَلوك فوقَ أكُفِّهِم من غَيرِما

إشفاقِ قَلبٍ مِنهُم وتَجمهَروا

ويداكَ أُمرِرَتا بِباطِن رُكبَتَي

كَ وقابضٌ بهما الذي لا تُبصِرُ

لا مِن أمامِكَ غيرُ وجهٍ عابِسٍ

عَيناهُ في قَطع الجُليدةِ تَنظُرُ

وكَأننَّي بكَ تَستَغَيثُ ولا مُغي

ثَ سِوى مِقصٍّ جائعٍ وَسيُفطِرُ

تلكَ اللُّقَيمَةُ وَحدَها طَعمٌ لَه

وَإِذا تُريدُ تَزيدُه يَتَشَكَّرُ

عَجَباً لهم مُستَبشرِينَ لِمَا أصا

بَكَ مِن نَكادِ ظُلمِهم لا يُنكَرُ

دُقَّت طُبولُ البِشرِ ساعةَ خَتنِه

والقومُ تُنشِدُ والمَزامِرُ تَزمُرُ

وعلَت زعاريدُ النِّساءِ وَوَلوَلَت

فَرَحاً وأنتَ أمامَهُم تَتَكَدَّرُ

ورَأوا منَ الرَّي المُصيبِ صنيَعُم

وكأنني بِأبيكَ ذاك الأعورُ

طوراً يَميلُ بِرَأسِهِ لِشِمالِه

حُمقاً وطوراً يَعتَريه تَهَوُّرُ

فيسيرُ عن عَجَلٍ ويَحبِسُ بَغتةً

رِجلَيهِ يرقصُ بعدَما تَهَوُّرُ

والرَّأسُ مُهتَزًّا على تَصفيقِه

وله فَمٌ بعدَ الغِناءِ يُصَفَّرُ

هذا وإنَّه ذاهبٌ لِمُهِمَّةٍ

أو راجعٌ منها ولا يَتَضَرَّرُ

أعظِم بها من فِتنةٍ ومُصيبَةٍ

عقلُ الفقيهِ أمامَها مُتحَيِّرُ

وكأنَّني بالشَّهمِ خالِك واقفاً

متَبسِّماً واللَّطفُ منهُ يُقطُرُ

مُستقبِلاً للوافدينَ مُرَحِّباً

بِهمُ مُحَيَّاهُ لهم يَستَبشِرُ

أكرِم بِخالٍ مثلِ خالِكَ جامعٍ

مِن أحسن الأوصافِ ما لا يُحصَرُ

إن يَفتخر قُومٌ بأجدادٍ لَهم

فَهُوَ الذي أجدادُه به تَفخَرُ

فَتَرى الفَضيلةَ قَد كَسَتهُ خِلالها

فَيَرى صغيرَ القَومِ وهو الأوقَرُ

لم يَحتَجِب عني خَيالُه مَرَّةً

يا هل تُرى أنِّي بِباله أخطُرُ

وإزاءَهُ الرُّوحُ اللَّطيفةُ ضَمَّها

شَخصٌ بِأنواعِ المَحاسِنِ يُذكر

ذاكَ الشَّريفُ الأَصلِ والأّخلاقِ

والنَّفسِ الَّذي مِن حاتمٍ هو أَشهَرُ

يَذكو أريجُ المِسكِ ساعةَ يُذكَرُ

خِلُّ الجَميع شريفُنا العَرَبيُّ مَن

كَرُمَت أُرومَتُه وطابَ العُنصُرُ

فَتَراهُما مُتَصفِّحينَ لأوجُهٍ

مُتَبادِلي نَظراتِ معنىً يَسحَرُ

يَتَراشقانِ منَ النَّكاتِ بِأسهُمٍ

والطَّرفٌُ إن عَزَّ التَّفاهُم يُخبِرُ

وكأنَّني بجَرادةٍ مَعطُوبَةٍ

قد سافرت قَصداً لئلاَّ تَحضُرُ

أقبِح بها وبِشكلِها وبما يُسي

لُه شِدقُها ذاك اللُّعابُ الأصفرُ

وكأنَّني بعَمائمٍ مُصطفَّةٍ

مِن تَحتِهِنَّ جَماجِمٌ لا تَشعُرُ

ولِحىً لِمِثلِ اليومِ وُفِّرَ طولُها

وصديقنا العَربِيُّ فيها يَنظُرُ

جاءَت منَ الحَمر إلى البيضاءِ تَح

مِلُ مِن دِعايَةِ مُرجفٍ ما يَنشُرُ

رَجعٌ إليه إنَّني مُشتَاقُهُ

شوقاً لهُ بينَ الضُّلوعِ تَسَعُّرُ

إِنِّي لَقَد أَصبَحتُ مِنهُ خائِفاًَ

فَكَما عَلِمتَ الأَمرُ أَمرٌ أَكبَرُ

إنَّ العظيمَ منَ العَظيم إذا دَنا

يَزدادُ منه تَجَبُّرٌ وتَكَبُّرُ

وَهوَ الذي حازَ الفَخارَ وراثةً

ولهُ البِرِنسِيَةُ التي لا تُنكَرُ

قد كدتُ أنسي يا فقيهُ فَحَدِّثَن

سَمعي بِذاك فما لَدىَّ تَصَبُّرُ

يا هل ترى تلكَ الصداقةُ لم تَزَل

أم هل عَراها يا صَديقُ تَغَيُّرُ

حاشا لقد يَبلى بِجِدَّتِه الزَّما

نُ وبعضُنا لِلبَعضِ لا يَتَنكَّرُ

ولقد جنيتُ جِنايةً لكنَّني

إن كنتُ مَن يَجني فكُن مَن يَعذِرُ

لكن علِمتم مِن وفائي ما عَلِم

تُم فاعذِروا مِن بعدُ أو لا تَعذِروا

اللهُ يعلمُ كيفَ حالي بَعدَكُم

فالجَفنُ منِّي دائماً مستَعِبرُ