قد سقانا جرعة يوم الفراق

قد سقَانا جُرعَةً يومَ الفِرَاق

ما أمرَّ الطعمَ منهَا والمَذَاق

كنتُ أرجُو بعدَ شَوقٍ والضَّنَى

أن يطولَ الجمعُ منَّا والتَّلاَق

حَيثُ مَنَّ اللهُ عنَّا باللِّقَا

واشتفَى منا فُؤادٌ ذو احتِرَاق

ورأيتُ المجدَ في أَوجِ العُلا

ورأيتُ العِزَّ مسدولَ الرِّوَاق

واشتفت نفسِي بأخلاَقٍ لكُم

فاوَحت في النشرِ مِسكا ذا انفِتَاق

فسلامٌ لوزيرٍ لَكُمُ

حَازَ في الأخلاَقِ ما رَقَّ وَرَاق

وعلَى حَاشيَةٍ حفَّت بكُم

ظُرَفاءُ النُّطقِ مشدودُو النِّطَاق

لا علَى بعضِ وُجوهٍ لم تَكن

خُلِقَت واللهِ إلا لِلبُصَاق

لهُم في الفضلِ رجلاً مُقعَدٍ

ولَهم في حَلبةِ اللُّؤمِ سِبَاق

لا يَضيرُ البدرَ كَونُ البدرِ مِن

بينِ أيَّامِه أيامُ المِحَاق

يا لَها اللهُ يُوَسعاتٌ مَضَت

مِثلُ مَن أَطبقَ جَفنَيهِ وَفَاق

وَاستَمِع ما لِي جَرى بَعدكُمُ

وجَرَى ذاكَ على غَيرِ اتِّفَاق

قد وَجدتُ البَدرَ لي مُنتَظِرا

لو ترَانا بينَ لَثمٍ وعِنَاق

وكما مَنَّ علينا اللهُ بال

مُلتقَى عجَّلَ أيضا بالفِرَاق

وامتَطينَا متنَها سيَّارةً

جَادَ عَنها بِجَناحيهِ البُرَاق

أوصَلَتنَا حيثُ شِئنَا ورَسَت

ودَخَلنَا في تَهَادٍ والتِصَاق

وبَقينا في تَدَانٍ زَائدٍ

والتَوَى مِن بعضِنَأ ساقٌ بِسَاق

آهِ ما أقصرَها من ليلَةٍ

مِثلُ مَن أَغمضَ عَينَيه وَفَاق

وكما شِئنَا وما شاءَ الهَوَى

اجتَمعنَا بعدَ شَوقٍ واشتِيَاق

فَقطَفتُ الَوردَ مِن وَجنَتِه

ولَثمتُ الثَّغرَ مَعسُولَ المَذَاق

قلتُ يا بدرُ وهل تَترُكُني

قالَ ما للِشَّمسِ والبَدرِ تَلاَق

قلتُ هل تَعلَمُ ما أطلُبُه

قالَ هل تعلَمُ إنَّ الوقتَ ضَاق

فتَرَدَّى بِدلةً مُزرقّةً

مَن رأَى بدرَ سَماءٍ في ازرِقَاق

فَرمَى بي وتولَّى هَارِبا

وتَتَبَّعتُه مِن غيرِ التِحَاق

وتشَبَّتتُ به خوفَ النَّوَى

وعُيونُ الدَّمع مِني في انطِلاق

آهِ ما أحلَى أُُويَقاتِ الرِّضَى

وأمرَّ البينَ مِن بعدِ التَّلاَق

هذِه الدنيَا وهذَا شأنُها

إنمَا الدُّنيا اجتماعٌ وافِترَاق