لم أستمع لشكاية من شاك

لَم أستَمِع لِشِكَايَةٍ مِن شاكِ

هَذي الحقِيقَةُ لا حِكَاية حَاكِ

كُنَّا نَتِيه بِأنَّنا شُعَراءُ مِن

فَرطِ الغُرُورِ وقِلَّةِ الإدرَاك

ونَقُولُ ذَاك فَخَارُنا ومَنِ الَّذي

يَقوَى لِنَظمِ الدَرِّ فِي الأسلاَكِ

وَنجُرُّ ذيلَ خيالِنا عجَبا ونح

سَبُ نَفسَنا فِي رُتبَةِ الأفلاَكِ

فَإِذا الَّذِي كُنَّا نَتيهُ بِه وَنَس

مُو فوقَ كِيوانٍ وَفَوقَ سِمَاكِ

لَم تَرضَه العظمَاءُ مِن ألقَابها

مِثل التِّهَامي المُلهَمِ الدَّرَّاكِ

لَم أنسَه يَوماً قَضَينَاه عَلى

ضَحِك الزُّهُور بِجَدولٍ مُتَباكِ

وَالطَّيرُ تَخطُب فِي منَابِرِ أغصُنٍ

ضَمَّت لَمِيس الآسِ نَفح أرَاكِ

دُرنَا بِمولاَنَا كَدَارةِ هَالةٍ

مِن حَولِ بَدرٍ ضاء فِي الأحلاَكِ

مُتَجَاذِبينَ مِن الحَدِيثِ نَوَادراً

تَسمُو سُموَّ النجم فِي الأفلاَكِ

وَأتَى شُجُونُ حَدِيثِنا بِتَعَجُّبٍ

مِن أعزَلٍ مُتغلِّبٍ عَن شَاك

فَتَمَّثلَ المَولَى بِبيتٍ جَامِعٍ

لِعقِيدةِ الحُكَمَاءِ والنُّسَّاك

لَو لَم تَكُن أحكَامُه حَتما لمَا

وَقَعَت طيُورُ الجَوِّ فِي الأشرَاكِ

لَبَّيتَ مِن دَاعِي الفضُولِ مُنَادِيا

مَد الفُضُول لأهلِهِ كَشِبَاك

ونَطقتَ مِن صَمتٍ بِه قَد كَان صُد

غِي يَشتَكِي مِن ظُفرِيَ الحَكَّاك

لَو لَم تَكُن أحكَامُه حَتما لمَا

عَصفَت بِقوَّتِهِم رِيَاحُ هَلاَك

فأجابنِي في حِينِه بل قُل لما

خَذَل القَوِىُّ وفازَ مَن هُو بَاك

فخَرِستُ مِن فرطِ الذُّهول كمَن أُصِي

بَ بِنَوبَةٍ وبَقِيتُ دُون حَرَاك

صَاحَبتُه عِشرِينَ حَولاً لم أُحَط

عِلما بِه يَا نَفسُ ما أقوَاك

أدريه في يوم الطعان مجندلاً

لذوي القنا والصارم الفتاك

أدريه في غسق الدجى متهجداً

منه العيون من الخشوع بواك

أدريه ذا عفوٍ عن الجَانِي وذَا

حِلمٍ عَلى ذِي رِيبَةٍ أفَّاك

أدرِيه في غَسَق الدُّجَى مُتهّجِدا

مِنه العيُونُ مِن الخشُوع بَوَاك

أدرِيه فِي الخُلُق الكَرِيم وَفي عُذو

بَةِ طَبعِهِ قَد ضمَّ رُوحُ مَلاك

أدرِيهِ في كلِّ العلُوم مُحَقِّقاً

ومُنَاظِرا إِن هَبَّ رِيحُ عِرَاك

أدرِيه فَعَّالا لِكُلِّ فضِيلَةٍ

ولِغَيرِهَا أفدِيه مِن تَرَّاك

أدرِيه مَفخَرَ مَغربٍ عن مَشرِقٍ

فِي عُجمِه والعُربِ والأترَاك

لَكنَّنِي لم أدرِ أنَّه شَاعِرٌ

كَابن الحُسَين ومَن إليه يَحَاكي

لِلَّه فِي هَذا الوجُود بَدَائِعٌ

أسرَارُهَا جَلَّت عَنِ الإِدرَاك

أعُيُونَ أشعَاري وغُرَّ قَصَائِدي

لاَ تَفخَرِي مِن بعدِ ذا إيَّاك

وتبرَّزِي إن تَبرُزِي إلا إذَا

خلعَ الجَمالُ عَلَيه ثَوبَ حُلاَك

وإذا وَقفَت أمَامَه يَوماً فَحُطِّي

فَوقَ نعلِه إن تَنازَلَ فَاكِ

هَذا النَّدَى بل هذِه غَايَاتُه

أو مَا رَأت لُطفَ الندَى عَينَاك

يَبتاعُ مِني سِلعةً هِىَ عندَه

فَبِأخذِهَا مِنِّي يَرُوم فَكَاكي

أللّه جَلًّ جَلالُه أغنَاهُ عَن

كِ وأنتِ عنه اللهُ مَا أغنَاكِ

أنتِ التي لَولاَه كُنتِ شَريدَةً

وَهوَ الَّذي لم ينشَغل لَولاَكِ

لاَ تُجِلِينِي بَعدَ مَا أدرَكتُ مَا

أدرَكتُهُ نَفسِي جُعِلتُ فِدَاك

وَتجمَّلِي بِحُلَى البيَانِ وأسفِرِي

عَن طَلعَةٍ وَضَّاءَةٍ بسَنَاكِ

فعسَاكِ إن كُتِبَت إلَيكِ سَعَادةٌ

يُقبِل عَلَيكِ بِوَجهِهِ الضَّحَّاكِ