أبا بكر تعرضت المنايا

أبا بكرٍ تعرَّضَتِ المنايا

لحتفكَ حين لا أحدٌ مَنوعُ

وأوجعنِي فراقُك من قريبٍ

وداءٌ لا دواءَ له وجيعُ

بكى قلبي عليك مكانَ دمعي

وكم باكٍ وليس له دموعُ

كأنّك ما حللتَ بدار قومٍ

وأنتَ لودّهمْ مرعىً مَريعُ

وسَفْرٌ لا يحين لهمْ إيابٌ

ولا يُرجى لغاربهمْ طلوعُ

وِسادُهُمُ وإنْ كَرُموا رَغامٌ

وأجداثُ القبورِ لهمْ رُبوعُ

نُصابُ بكلّ مُقتَبِلٍ وهِمٍّ

فَلا هذا ولا هذا يروعُ

وَتَخدعنا ظنونٌ كاذباتٌ

فَياللّهِ ما بلغ الخَدوعُ

وسُبْلُ اليأسِ واضحةٌ لدينا

ولكنْ ربّما طمع الطَّموعُ

فإنْ تَبْعَدْ فقد نَأَتِ الثُّريّا

وإنْ تذهبْ فقد ذهبَ الرّبيعُ

وإنْ تفقِدْك حائرةً عيونٌ

فلم تَفقِدْكَ حانيةً ضلوعُ

وإنْ يَحْرَجْ مكانُك من تُرابٍ

فإنّك ذلك الرَّحْبُ الوسيعُ

وما يبقى بَطيءٌ أخَّرَتْهُ

منيّتُهُ فيُجزِعَنا السَّريعُ

وما أبقى الزّمانُ لنا أُصولاً

فنطمعَ أنْ تدوم به الفروعُ

وَما الأيّامُ إلّا حاصداتٌ

لما زرعوا ونحن لها زُروعُ

وَلَولا أنّه أجَلٌ مُتاحٌ

لَقلتُ أسِيءَ منك بنا الصَّنِيعُ