أشيبا ولما تمض خمسون حجة

أَشَيباً ولمّا تَمضِ خَمسونَ حجّةً

وَلا قارَبتني إنّ هَذا منَ الظلمِ

وَلَو أَنصفتني الأربعون لَنَهنَهَت

مِنَ الشيبِ زَوراً جاءَ من جانبِ الهمِّ

قَرعتُ لَه سنّي وَلَو أَستَطيعُهُ

قَرعتُ لَه ما لَم تَر العينُ مِن عظمي

يَقولونَ لا تَجزع منَ الشيبِ ضلّةً

وَأسهُمُهُ إِيايَ دونَهمُ تصمي

وَقالوا أَتاه الشّيب بِالحلمِ وَالحجى

فَقُلتُ بما يَبري وَيعرُق من لحمي

وَما سرّني حِلمٌ يَفيءُ إِلى الرّدى

كَفانِيَ ما قَبلَ المَشيبِ من الحلمِ

إِذا كانَ ما يُعطينِيَ الحزمُ سالِباً

حَياتي فَقُل لي كيفَ يَنفعني حَزمي

وَقَد جرّبت نَفسي الغداةَ وقارَه

فَما شدّ مِن وَهني وَلا سدّ مِن ثَلمي

وَإِنّي مُذ أَضحى عذاري قرارَهُ

أَعاد بلا سُقمٍ وَأَجفى بلا جرمِ

وسيّان بَعد الشيبِ عندَ حَبائبي

وَقَفنَ عليه أَو وَقفن على رسمِ

وَقد كنتُ ممّن يَشهدُ الحربَ مرّةً

وَيُرمى بِأَطراف الرماحِ كما يرمي

إِلى أَن علا هَذا المشيبُ مفارقي

وَلَم يَدعُني الأقوامُ إِلّا إِلى السلمِ