ألا أرقت لضوء برق أومضا

أَلّا أَرِقْتَ لضوء برقٍ أوْمضا

ما زار طرفي ومْضُهُ حتّى مضى

أَمسى يُشوّقني إِلى أهل الغَضا

شوقاً يقلّبني على جمر الغضا

وَمِنَ البليّةِ أنَّ قلبك عاشقٌ

مَنْ لم تَنَلْ وهو الرّضا منه الرّضا

ما ضَرّ مَن أَضحى يصرّحُ صدُّهُ

بملالةٍ لو كان يوماً عَرّضا

أَلِفَ الصُّدودَ فما يُرى إلّا اِمرءاً

مُتَجَنّياً أو عاتباً أو مُعرِضا

للَّهِ مَوقفُنا بخَيْفِ مَتالِعٍ

نشكو التفرّقَ ما أَمضّ وأرْمضا

وَوراءَهمْ قلبٌ مُعَنّىً بالهوى

ما صحّ من سُقمِ الغرامِ فيمرَضا

وَمحرّضٍ بَعث النَّوى فكأنّه

يَوم اِعتَنقنا للنّوى ما حرّضا

أَضحى يَعضّ بنانَهُ متخفّضاً

ويودّ قلبي أنّه ما خفّضا

وَلَقَد أَتاني الشيب في عَصر الصّبا

حتَّى لبست به شباباً أبيضا

لم ينتقصْ منّي أوانَ نزولِهِ

بأْساً أطال على العُداةِ وعرّضا

فَكأنّما كنتُ اِمرءاً متبدّلاً

أثوابَه كَرِهَ السّوادَ فبيّضا

يا صاحبيَّ تعزّيا عن فاعلي ال

معروفِ فالمعروفُ فينا قد قضى

وَتَعلّما أَنْ لَيسَ يَحْظى بالغِنى

إلّا اِمرؤٌ سِيم الهوانَ فأَغمضا

وَالعَيش دينٌ لا يخاف غريمُهُ

مَطْلاً به وقضاؤه أن يُقتَضى

قَد قلت لِلمُنضين فيه رِكابَهمْ

يكفيكُمُ من زادِهِ ما أنهضا

ما لي أَراكُم وَاللُّبانةُ فيكُمُ

تَرضون في الدّنيا بما لا يُرتضى

إِن كانَ رَوْضُ الحَزْنِ غَرّكُمُ فقدْ

أضحى يصوّح منه ما قد رُوِّضا

أَوْ ما بَنَتْهُ يدُ الزّمانِ لأهلِهِ

فهوَ الّذي هَدم البناءَ فقوّضا

لا تَغْبِنوا آراءَكمْ بثميلَةٍ

نَكْداءَ تأخذها الشفاهُ تبرّضا

فمعوَّضٌ عن نَزْرِ ماء حيائِهِ

بكثير ما بلغ الغِنى ما عُوّضا

كَم ذا التعلّلُ بالمُنى وإزاؤنا

رامٍ إذا قصد الفريصةَ أغرضا

يرمي ولا يدري الرميّ وليته

لمّا أَراد الرَّمْيَ يوماً أنبضا

وَالنّفسُ تُنكرُ ثمّ تَعرف رُشْدَها

فاِطلُبْ شِفاءَك من يَدَيْ مَن أمرضا

أَينَ الّذينَ تَبوؤوا خطط العُلا

وقضى على الآفاقِ منهمْ مَن قضى

وجَرَوْا إلى غايِ المكارم والعُلا

ركْضَ الجواد سعى فأدرك مركضا

تندى على غُلَلِ العُفاةِ أكفُّهمْ

فَيعود منهمْ مثرياً مَن أنفضا

وإِذا أهبتَ بهمْ ليومِ عظيمةٍ

حمّلتَ أعباءَ العظيمة نُهّضا

من كلِّ قَرْمٍ لا يريد ضجيعَه

إِلّا سِناناً أو حساماً مُنتضى

وَتراه أنّى شئتَ من أحوالهِ

لا يَرتضي إِلّا الفِعال المُرتضى

دَرَجوا فلا عينٌ ولا أثرٌ لهمْ

فكأنّهمْ حُلُمٌ تراءى واِنقَضى