على الربع ربع الراحلين سلامي

على الرَّبعِ رَبْعِ الرّاحلين سلامي

وإنْ هاج تسليمي عليه أُوامي

تذكّرتُ لمّا أنْ مررتُ على اللِّوى

بِأهلِ اللّوى وجدى وطول سَقامي

وما مكّنَ الحادون بِي من تَلُّومٍ

عليه ولا مَن حَطّ بعضَ لثامي

وساروا وقلبي من ورائي تلفُّتاً

وإنْ كان قصدُ النّاعجاتِ أمامي

وَما كنتُ من قبل الّذين ترحّلوا

أُقادُ إلى دار الهوى بزِمامِ

وَلمّا تَركنا الأثلَ من جَنَباتِنا

وأطربني منهنّ نَوْحُ حَمامٍ

رماني غزالُ الواديينِ بسهمِهِ

وطاشتْ وعندي الشَّيبُ عنه سهامي

وَما رابَهُ إلّا اِبيِضاضُ مفارقي

وأنّ صباحي في مكان ظلامي

نَفضتُ الصِّبا عن أمّ رأسي وقَلَّصَتْ

عن الغانياتِ شِرَّتي وعُرامي

فما لِيَ تعريجٌ بذاتِ قلائدٍ

ولا لِيَ إلمامٌ بذاتِ خِدامِ

فَكَم بين أنّي رُقْتُهنّ بفاحمي

وبينِيَ لمّا راعهنّ ثَغامي

أقول وقد خلّفتُ سَلْعاً لناقتي

وزفرتُها موصولةٌ ببُغامِ

وَحنّتْ كما حنّ الأباءُ محرَّقاً

تلاطمُهُ النّكْباءُ أيَّ لِطامِ

فؤادِيَ مشتاقٌ ودمعِيَ جامدٌ

وأنتَ بلا شوقٍ ودمعُك هامِ

وليس بمغنٍ في سوادِ جوانحٍ

لقلبك من وَجْدٍ بياضُ لُغامِ

قِفِي بي على الزَّوراءِ في خير موقفٍ

وَعوجي بِنا منها بخير إمامِ

فما لَكِ إنْ بلَّغْتِنِيه مشافِرٌ

يعُدنَ إلى قطع المدَا بخطامِ

ولستُ أُبالي كيف أصبحتِ بعدها

أَجبَّاءَ أم كَوْماءَ ذاتَ سَنامِ

وَقد عَلِقَتْ كفَّيَّ بالنّبعِ من مُنىً

فما أنا أُمْنى بعدها بثُمامِ

فقولوا لِمَلْكِ النّاس عنِّيَ قولةً

إذا قلتُها لم أخشَ فيه مَلامي

أَلستَ الّذي لولاه لم يكُ ركنُنُا

بركنٍ ولا مدعومُهُ بدعامِ

وَلَولا الّذي نظّمتَهُ منه جاهداً

لغُودِر محلولاً بغير نظامِ

ولا كان منّا غيرُ حائمِ قفرةٍ

يلوذ على حرّ الصَّدى بحيامِ

فأين ملوكُ الأرضِ منك وأين مِنْ

تَبَلُّجِ إصباحٍ سوادُ ظلامِ

وأيُّ مليكٍ قبلك اليومَ قادرٌ

مضى لم يطُفْ فيه بَربْعِ أثامِ

وأيُّ حلالٍ قبلما أنت فاعلٌ

رأيناهُ لم يمزِجْهُ بعضُ حرامِ

وَأَنتَ الّذي أَوْلَيتنا النّعمَ الّتي

تركْن كِرامَ النّاسِ غيرَ كِرامِ

وقد جرّبوا منك الحفيظةَ حيثما

دُعيتَ إليها والعيونُ سوامِ

لدَى ساعةٍ ما إنْ بها متحكِّمٌ

سوى ذابلٍ لَدْنٍ وحدِّ حُسامِ

وأنت على جَنْبَيْ سريعٍ إلى المدَا

كأنّك منه فوق ظهرِ شَمامِ

وللخيلِ إمّا من نَجيعٍ براقعٌ

وإلّا عثارٌ في الصّعيد بِهامِ

يثرنَ خفافاً في الوغى فكأنّما

شَلَلْتَ على دَوٍّ قطيعَ نَعامِ

وَحولكَ طلّاعون كلَّ ثَنِيَّةٍ

إلى الموتِ ورّادون كلَّ حِمامِ

إذا قُذِفوا في حَوْمَةٍ فكأنّما

تَضَرَّمُ منه قَفْرُها بضرامِ

تراهمْ كراماً بالنّفوسِ لدى الوغى

ولكنّهمْ في الحربِ جِدُّ لِئامِ

جعلتُك حِصْني يوم خوفي من الأذى

وتُرساً من الأعداء يوم أُرامي

فأنتَ سِناني يوم طعنِيَ في الكُلى

وأنت حُسامي إن سلَلْتُ حسامي

ولستُ أُبالي بعد أن إِبْتَ بالّذي

تريع جروحي عنده وكِلامي

وإنّ عَنائي في هواك لَراحةٌ

وَإِنّ اِنتِقاصي في رضاك تمامي

وَعَن كُلَّ شيءٍ تَجتَويهِ طرائدي

وفي كلِّ شيءٍ ترتضيهِ حِيامي

وما ضرّني لمّا شَرِبتُك أنّني

غَرَفتُ فلم أشربْ كؤوس مُدامِ

وَلا أنّ كفّي لم أَنُطْها بِعصْمَةٍ

من النّاس أطواراً وأنت عصامي

وحوشيتُ أَنْ ألقى سواك مُمَلَّكاً

هوايَ ومعطي باليدين غرامي

فإنْ تكُ أسبابٌ لديك ضعيفةٌ

فأسبابُ قربي منك غيرُ رِمامِ

فلا حان يومٌ منك فيه قطيعتي

ولا آن وقتٌ فيه منك صِرامي

ولا اِطُّرِحَتْ إلّا برَبْعِك أرحُلي

وَلا كانَ إلّا في ذُراك مقامي

وأيُّ كلامٍ لم يكنْ بمفَاخرٍ

سبقت بها سِلْكاً فليس كلامي

وهُنِّيتَ يومَ المِهْرَجانِ فإنّه

كفيلٌ بما تهوى بكلِّ مَرامِ

يبشّرنا فيما نرى بإقامةٍ

وفي نعمٍ أُلْبِستَها بدوامِ

وَما جاءنا إلّا بِأَسعدِ طالعٍ

وَلا زارَنا إِلّا بأفضلِ عامِ

ومهما تَدُمْ فالعينُ فيه قريرةٌ

وكلُّ غصونٍ للأنامِ نوامِ