على مثله تذرى العيون دماء

عَلى مثلهِ تُذرى العيونُ دماء

فَلا يَحتَشِم باكٍ عَليهِ بُكاءا

وَقُل لِلّذي سَحّت شؤونُ دُموعِهِ

دَعِ الدمعَ يَجري كَيفَ شِئتَ وشَاءا

وَلا تَمنعِ الأجفانَ سَحَّا فكلّما

هَرَقْنَ الّذي فيهنَّ عُدنَ ملاءا

فَما اليوم إِلّا يَومُ حُزنٍ وَلَوعَةٍ

فَخلِّ حِراناً في الأَسى وَإِباءا

وَإِن كُنتَ طَوْعاً لِلحَياءِ فَلا تُطِعْ

بِجَدّك في هَذا المُصابِ حَياءا

وَنادِ نَصيحاً لا أُحبُّ نصيحةً

وَقُل لِمعَزٍّ لا أريدُ عَزاءا

أَمِن بعدِ فجعِ الموتِ بِاِبن مُحمّدٍ

وَكانَ كَصدر المشرَفيِّ مَضاءا

أُرجّي بِأوطانِ العَدامة ثَروةً

وَآمل في دارِ الفناءِ بَقاءا

دَفَنتُ الإِخاءَ العذب لمّا دَفنتهُ

فَلَستُ بباغٍ ما حييتُ إخاءا

وَما كانَ إِلّا حامِلاً ثِقْلَ قومهِ

إِذا أَظلَموا يَوماً عليهِ أَضاءا

وَلَم يكُ خَوّاراً وَلا كانَ عُودُهُ

إِذا عَجموهُ بِالنيوبِ أَباءا

يَعِلُّونَه ما يُجتَوى ويَعِلُّهمْ

صَفاءً عَلى تَرنيقِهم وَوفاءا

وَيُسرع نَهّاضاً بما آدَ ثِقلُه

إِلَيهم وَإِن كانوا عَليه بِطاءا

وَمِمّا شَجا أنّي رُزِئتك بَغتةً

وَقَد كنتُ مَملوءَ الفُؤادِ رَجاءا

وَودَّ رِجالٌ لَو فَدَوْك وقلّما

تَقبّل وُرّادُ الحِمامِ فِداءا

أَلا إِنَّ قَومي بعدَ بَأسٍ وَكَثرةٍ

قَضَوا بِفُنونِ الحادِثاتِ قَضاءا

رَدوا بعدَ أَن كانوا سدادَ عظيمةٍ

وَكانوا لأوجاعِ الزّمانِ شِفاءا

وولَّوا كما انقضّت نجومُ دُجُنَّةٍ

وقد أترعوا صُحفَ الرّواة ثناءا

وَلَمّا مَضوا يَهوُون في سنَنِ الرّدى

أَحالوا صباحَ المَكرُمات مَساءا