لعل زمانا بالثوية راجع

لعلَّ زَماناً بالثويَّةِ راجعُ

مَضى وهوَ في قَلبي مَدا الدّهر رابعُ

تَذكّرتُ نجداً ذُكْرَةً فكأنّما

تحمّل رَأسي مائلُ الرّأس ظالعُ

تَعرّقتِ الرَّوحاتُ منه فَصِيلَهُ

فَما هو إلّا أَعظُمٌ وأضالعُ

وَكيفَ بِنجدٍ بعد أنّ مطيَّنا

تسادكُ بالغَوْرين منه الأكارعُ

يَطَأْنَ الرُّبا وطءَ النّزيف فكلّما

هبطن الرُّبا سالتْ بهنّ الأجارعُ

خَليليّ هَل رَميُ البلادِ إِليكُما

برَحْلِيَ ممّا شفّني اليومَ نافعُ

وَهل لي إِلى مَن كنتُ أَهواهُ مِنكما

وَقد حَرّم الواشونَ جَدْواه شافعُ

عَشِيّةَ أَغْرَوا بِي العيونَ وسطّروا

مِنَ الوَجْدِ ما تُمليهِ عنّي المدامعُ

لَقَد ضَلَّ قَلبٌ بات في كلّ ليلةٍ

يُصادِي بُنيّاتِ الهوى ويصانعُ

يَصدّ ويَدنو بينَ يَأسٍ ومَطمعٍ

فلا هو وصّالٌ ولا هو قاطعُ

فَقل لأسيلاتِ الخدودِ أَتيننا

يخادعن منّي صاحباً لا يُخادَعُ

أَرَدْتُنّ قلبي للهوى وهو مُتعَبٌ

فإنّي وقلبي اليومَ منكنّ وادعُ

وقد كنتُ جرّبتُ الهوى وعرفتُهُ

فما فيهِ إِلّا ما تجرّ المطامعُ

وَقولٌ أَتاني مُعرباً عن مودّةٍ

فَجاءَ كَما كانت تَشاءُ المَسامعُ

وَلوجٌ إلى قلبِي عَلوقٌ بخاطري

كما عَلِقَتْ بالرّاحتين الأصابعُ

مديحٌ تولّى الفكرُ تنميقَ نسجِهِ

وليس كوَشْىٍ نمَّقَتْهُ الصّوانعُ

كأنِّيَ لمّا أَنْ مَشتْ في مفاصلي

حُمَيّاهُ في نِهيٍ من الخمرِ كارعُ

فيا عَلَمَ العلم الّذي يُهتدى بِهِ

كما في السُّرى تهدي النجومُ الطَّوالعُ

أَضَفْتَ إلىَّ الفضلَ منك تفضّلاً

وَأثنيتَ عمداً بالّذي أنت صانعُ

وَألقَيتَ مَنّاً في مديحٍ نَظَمْتهُ

على كاهلٍ لا تمتطيه الصّنائعُ

ومثلُك من قد كنتُ قبل وصالهِ

أَحِنُّ اِشتِياقاً نحوه وأنازعُ

ولمّا رَآني الدّهرُ لا أَرتضي له

صنيعاً وأكْدَتْ منه عنّي الذّرائعُ

سَقاني بكَ العَذْبَ الزُّلالَ وإنّما

أطلْتُ الظّما حتَّى حَلتْ لي المشارعُ

وقد كنتُ لا أرضى نصيباً أصبتُهُ

وإنّي بقِسْمي من ودادِك قانعُ

إِذا ما رعاكَ اللَّهُ لي بحفاظِهِ

فلستُ أُبالي أنّ غيرك ضائعُ

وَما ضرّ من فارقتُ من كلّ نازحٍ

وقد لفّ لي شملاً بشملك جامعُ

فدونَك قولاً جاء عَفْوَ بديهةٍ

وَإنَّ مقالاً لو تَعَمّدتُ واسعُ