لغير الغواني ما تجن الأضالع

لِغَيرِ الغَواني ما تُجِنّ الأضالعُ

وَغير التّصابي ما أرَتْهُ المدامعُ

وَيا قَلب ما أزمعتَ عَوْداً إلى الصِّبا

فتطمعَ في أنْ تَزْدَهِيك المطامعُ

تَضيق لأنْ أَرسى بِساحتك الهَوى

وَأنت على ما أحرج الدّهرُ واسعُ

وَيوم اِختَلسنا من يد الحذْرِ لحظةً

وَقَد آذَنَتنا بِالفراقِ الأصابعُ

عَذرتَ اِمرَءاً أَبدى الأَسى وَهوَ حازِمٌ

وَصمّ عَلى عُذّالِهِ وهو سامعُ

خَليليَّ إنّ الدهرَ جَمٌّ عديدُهُ

ولكنّه ممّنْ أُحِبُّ بلاقعُ

وخُبِّرتما أنّ الوفاءَ تقارضٌ

فما لي أُعاطي صفوَهُ مَن يُمانعُ

أَلا في بَشاشاتِ الرّجال ودونها

جوانحُ في أثنائها الغيظُ ناقعُ

وما زالتِ الأيّامُ مَثْنى ومَوْحَداً

يراوِدْن مِنِّي شيمةً لا تُطاوعُ

رَضيت بِميسورِ الحظوظ قناعةً

إِذا اِمتدَّ في غيِّ الطّماعةِ قانعُ

وَعوراءَ يستدعي النفوسَ اِقتِرافُها

تَنكّبها ناءٍ عَن السّوءِ نازعُ

تَحيّزتُ عنها لا أهمُّ بوَصلِها

كَما اِنحاز عَن ضمنِ العِذارين خالعُ

وَشُمٍّ منَ الفتيانِ حصّنتُ سرّهمْ

وَسِرُّ الفَتى ما بينَ جنبيهِ ذائعُ

سَرَوْا يَسأَلونَ الدّهرَ ما في غُيوبِهِ

وَليسَ لَهمْ غيرَ التّجاربِ شافعُ

إِذا صُدّ عن نُجحِ المَطالبِ جاهدٌ

تَخلّف عَن كَسبِ المَحامدِ وادِعُ

إِلَيك ذعرتُ الهِيمَ عن كلّ بُغيَةٍ

أَسِفُّ إِلى أَمثالِها وأُسارعُ

وَسوَّمتُها يسترجفُ الأرضَ مرُّها

وتُحيي سوادَ اللّيلِ والفجرُ طالعُ

وَلَولاك لَم تنفُضْ حشايَ مَسرَّةٌ

ولو كثرتْ منها إلىَّ الذّرائعُ

وَأَنتَ الّذي لَو لَم أفِضْ في ثنائِهِ

تحمّل عنّي القولَ ما هو صانعُ

شَديدُ ثَباتِ الرّأي بين مواطنٍ

رياحُ الخطوبِ بينهنّ زعازعُ

وَقورٌ فإنْ لاذتْ به أرْيحيّةٌ

فلا الحِلمُ مغبونٌ ولا الجَدُّ خاشعُ

ويقظانُ ما ضامَ التفرّدُ حزمَه

ولا قبضتْ من بَسْطَتيْهِ المجامعُ

تقصّتْ نهاياتِ المعالِي أُصولُه

وساعفها فرعٌ على النّجمِ فارعُ

كريمٌ إذا هزّ الرّجاءُ عطاءَهُ

تقاصر باع الغيثِ والغيثُ هامعُ

رَمى وَلهَ الحُسّادِ قَرْمٌ مُصَمِّمٌ

بِيَأسٍ تحرَّته النّفوسُ النّوازعُ

إِذا بادَروه المأثَرُاتِ شآهمُ

ودونَ المَدا منهمْ طليحٌ وظالعُ

وَدونَ بلوغِ الطّالبين مكانَه

طريقٌ على ربِّ الحفيظة شاسِعُ

وَكَم بَحثوه عَن خَفايا عيوبِه

فَشاعتْ مَعانٍ تصطفيها المسامعُ

وَما النّاسُ إلّا واحِدٌ غيرَ أنّهمْ

تفاوَت منهمْ في الفِعال الطّبائعُ

فِداؤك مَن يَتلو النّدى بِنَدامةٍ

وَقَد مَرَقَتْ من راحتيه الصّنائعُ

بَعيدٌ عَنِ الآمالِ لا يستخفّه

سؤالٌ ولا يرجو عطاياه طامعُ

وَقَد علم الأقوامُ أنّك فيهمُ

سِنانٌ إلى قلبِ المُلِمّاتِ شارعُ

وَهزّوك مسنونَ الغِرارين أُخلصتْ

نَواحيهِ وَاِجتاحَتْ قَذاه الوقائعُ

وَلَمّا نَبَتْ آراؤهمْ وأَظَلَّهم

مِنَ الأمرِ مسوَدُّ المخايِلِ رائعُ

تَداركتَهمْ والشّملُ قد رثّ حبلُهُ

وَأَضربَ عن مُستشرِي الخَرقِ راقعُ

بِعَزمٍ به مُستَسلَفُ النّصرِ كافلٌ

وَحزمٌ به مستأنَفُ النُّجحِ تابعُ

كَفيتَهمُ الدّاني وشَيّعتَ ما مضى

برأيٍ توخّاه الذي هو واقعُ

وَمُنكتم الأضغان أوْلاكَ بِشْرَه

وفي صدره غِلٌّ لحقّك مانعُ

يَجرُّ أَباطيلَ الحديثِ إذا اِرتَقى

إلى فَهمِهِ ذكرٌ لمجدك شائعُ

إِذا أبهتَته من مساعيك خلَّةٌ

تمنّى لها أنّ العيون هواجعُ

نَدبتَ لَهُ حِلْماً يداوي شرورَه

وَبعضُ الحِجى في مُلتَوِي الجَهلِ ضائعُ

تَراخَ وَخَفّضْ مِن همومك فالّذي

تطالبُهُ الآمالُ ما أنتَ جامعُ

وَقَد راجَعَتْ تلكَ الأمور وأقبلتْ

إِليك بما تهوى سنون رواجعُ

وَخلفُ الّذي أَرخى به الدّهرُ كفَّهُ

حُقوقٌ لَها هذي الوفودِ طلائعُ

نَضوتَ زمانَ الصّومِ عنك كما نضا

رداءَ الحَيا سبطٌ من الرّوضِ يانعُ

وما العيدُ إلّا ما صبحتَ طلوعَه

وَبلّجهُ فجرٌ بوجهك ساطعُ

وهُنِّيتَهُ عُمْرَ الزّمانِ مُسَلّماً

يَفوت الرّدى أَو تَختَطيكَ الفجائعُ