ما للقلوب غداة السبت مزعجة

ما للقلوب غداةَ السّبتِ مزعجةً

وللدّموع غداةَ السّبت تنسجمُ

وللرّجالِ يحلّون الحُبا وَلَهاً

من أنّهمْ علموا في ذاك ما علموا

تجري دموعُ عيونٍ ودّ صاحبُها

لو أنّهنّ على حرّ المصابِ دمُ

كَأنّنا اليّوم من همٍّ تَقسَّمنا

نَهْبٌ بأيدي ولاة السّوءِ مُقتَسَمُ

نثني الأكفَّ حياءً عن ملاطمنا

وفي الحشا زفراتُ الحزنِ تلتطمُ

ونكتم النّاسَ وَجْداً في جوانحنا

وكيف نكتم شيئاً ليس ينكتمُ

يا موتُ كم لكريمٍ فيك من تِرَةٍ

أعيا بها الرّمحُ والصُّمصامةُ الخَذِمُ

وكم وَلَجتَ وما شاورتَ صاحبَه

قصْراً على بابه الحرّاسُ والخدمُ

وكم عظيمِ أُناسٍ قد سطوتَ به

لم يُغنِ عنه فتيلاً ذلك العِظَمُ

وما نجا منك لا صُغْرٌ ولا كِبَرٌ

ولا شبابٌ ولا شيبٌ ولا هرمُ

هيهات مُكِّن من أرواحنا حَنِقٌ

فظٌّ وحُكِّمَ في أجسامنا قَرِمُ

أَين الّذين على هذي الثّرى وطأوا

وحُكِّموا في لذيذ العيش فاِحتكموا

ومُلِّكوا الأرضَ من سهلٍ ومن جبلٍ

وخُوِّلوا نعماً ما مثلها نِعَمُ

حتّى إذا بلغ الميقاتُ غايَتَه

لَم يسلموا ولشيءٍ طالما سلموا

لم يبق منهمْ على ضنّ القلوب بهمْ

إلّا رسومُ قبورٍ حشوُها رِمَمُ

مسنّدين إلى زَوْراءَ موحشة

ظلماءَ لا إِرَمٌ فيها ولا عَلَمُ

كأنّما طبّقتْ أجفانَهمْ سِنَةٌ

أو شَفّهمْ لبِلى أجسادهمْ سَقَمُ

يُغضون من غير فكرٍ يرتأون له

ويأْزِمون على الأَيدي وما نَدِموا

فلا يغرّنْك في المَوْتى وجودُهمُ

فإنّ ذاك وجودٌ كلُّه عدمُ

قُل للوَزيرِ وإن جلّتْ مصيبتُه

هيهات فاتَكَ ما يجري به القلمُ

إنّ الّتي أنت ملآنٌ بِلَوعتها

مضتْ كما مضتِ الأحياءُ والأُمَمُ

مُلِّيتَ دَهراً بها من غير مَحْسَبَةٍ

وغيرُ مَن رَجَعَ الموهوبَ مُتّهَمُ

وَحزنُك اليوم عُقبى ما سُررتَ به

حيناً وعقبى الّذي تلتذّه الألمُ

وما خُصِصتَ بمكروهٍ تجلّلنا

ونحن قبلك بالبَأْساءِ نَسْتَهِمُ

فَاِصبِرْ فَصبرُك موصولٌ بموهبةٍ

تَبقى وكلُّ الّذي أعطيتَ مُنصرمُ

وَكُنْ كَمَن أنت مشغوفٌ بسيرتهِ

ممّن أصابهمُ المكروه فاِحتزموا

لا يَألَمون بشيءٍ مِن مَصائبهمْ

حتّى إذا أُولِمُوا في دينهمْ أَلِموا

وَقَد مَضى ما اِقتَضاه الرّزءُ من جزعٍ

فَأينَ ما يَقتضيه العلم والكرمُ