أجلت يا بدر في سما الخد

أجَلْتَ يَا بَدْرُ فِي سَمَا الْخَدْ

كَأسَ مُدَامٍ خِتَامُهَا النَّدْ

وَلَمْ تُبِحْهُ فَمَنْ يَذُقْهُ

يُجْلَدُ حَتْمًا بِلَحْظِكَ الْحَدْ

وصنتَ بِالشَّعْرِ رَوْضَ خَدٍّ

زَرْفَنَهُ الصدغُ بِالزبرجد

وَلاَ امْتِرَا أنْ حَمَى المُحَيَّا

فَرُبَّ كَنْزٍ حَمَاهُ أسْوَدْ

أفْدِيكَ شَمْسًا بِغُصْنِ بَانٍ

أثْمَرَ مِنْ فَوْقِهِ بِفَرْقَدْ

رَنَا غَزَالاً وَصَالَ لَيْثًا

وَلاَحَ بَدْرًا وَمَاسَ أمْلَدْ

كَعْبَةُ حُسْنٍ شَدَا فَخِلْنَا

مِنْهُ عَلَى الحَالَتَيْنِ مَعْبَدْ

اعْتَدَّ بِاللحظ أوْ تَعَدَّى

فَهْوَ بِحَمْلِ الحسَام مُعْتَدْ

لَمْ أنْسَ إذْ زَفَّ بِكْرَ خَمْرٍ

لِخَيْرِ بَعْلٍ بِخَيْرِ مَشْهَدْ

صَاغَ لَهَا بِالْمِزَاجِ تَاجًا

ثُمَّ لَهَا بِالْحَبَابِ قَلَّدْ

شَمْسٌ جَلَتْ وَجْهَهَا فَصِرْنَا

لِرُكْنِهَا رُكَّعًا وَسُجَّدْ

تَغْرُبُ فِي الثَّغْرِ ثُمَّ يَبْدُو

لَهَا شُعَاعٌ عَلَى سَمَا الْخَدْ

سَوْرَتُهَا بِالْمِزَاجِ تَقْوَى

أمَا تَرَى وَجْهَهَا قَدَ ازْبَدْ

حَبَابُهَا فِي الكُؤُوسِ يَرْمِي

بِشُهْبِهِ الهَمَّ إنْ تَمَرَّدْ

لَوْ خَالَ كِسْرَى سَنَا هُدَاهَا

مَا كَانَ للِنَّارِ قَدْ تَعَبَّدْ

وَلَوْ جَلاَ أكْمَهٌ سنَاهَا

أبْصَرَ فِي الْحَالِ مَا تَقَصَّدْ

وَلَوْ عَلَى مُقْعَدٍ أدِيرَتْ

لَقَامَ يَسْعَى وَمَا تَقَعَّدْ

يَسْعَى بِهَا كَوْكَبٌ سنَاهُ

يَكَادُ يُخْفِي الظَّلاَمَ أوْ قَدْ

يَمُجُّ إبْرِيقُهُ سُلاَفاً

كَكَوْكبٍ نُورُهُ تَوَقَّدْ

فِي رَوْضَةٍ بَانُهَا تَثَنَّى

لَمَّا شَداَ طَيْرُهَا وَغَرَّدْ

يَنْسَابُ فِيهَا الخَلِيجُ ذُعْراً

إنْ أبْرَقَ الغيمُ ثُمَّ أرْعَدْ

مُنْعَطِفٌ كَالْهِلاَلِ طوراً

وَتَارَةً كَالْحَسامِ مُمْتَدْ

بِلْقَيْسُ وَرْقَائِهَا تَهَادَتْ

لَمَّا رَأتْ صَرْحَهَا الْمُمَرَّدْ

فِي خَدّ نُعْمَانِهَا اتِّقَادٌ

عَلَيْهِ مَاء السَّمَا تَبَدَّدْ

وَهَبَّ مِنْ حِجْرِهَا نَسِيمٌ

يَرْفُلُ فِي ذَيْلِهِ الْمُجَعَّدْ

وَنَبَّهَ الزَّهْرَ مِنْ نُعَاسٍ

أرْغَمَ أنْفَ الْعَبِيرِ فَامْتَدْ

وَهَزَّ عِطْفَ الْقَضِيبِ لَمَّا

نَقَّطَ خَدَّ الشَّقِيق بِالنَّدْ

وَصَافَحَ الْوَرْدُ خَدَّهُ إذْ

شَمَّرَ أكْمَامَهُ عَنِ الْيَدْ

يَا شَمْسَ أفْقِ الجَمَالِ مَنْ قَدْ

قَدَّ المُعَنَّى بِأسْمَرِ الْقَدْ

وَسَلَّ بَيْنَ الْجُفُونِ سَيْفًا

جَاوَزَ فِي الْحَدّ غَايَةَ الْحَدْ

وَأوْتُرُ الْحَاجِبَين قَوْسًا

بِسَهْمِ ألْحَاظِهِ الْمُسَدّدْ

وَصَاغَ فِي حَلْبَةِ الْمُحَيَّا

بِصَوْلَجِ الصُّدْغِ أكْرَةَ الْخَدْ

وَبَرْقَعَ الشَّمْسَ بِالثريا

فَوْقَ سَمَا خَدِّهِ الْمُوَرَّدْ

وَزَرَّدَ العَارِضَين كيما

أُفْتَنَ بِالْعَارِضِ المُزَوَّدْ

وَألْبَسَ الْخَدَّ مِسْحَ شَعْرٍ

ضَفَّرَهُ حُسْنُهُ وَسَوَّدْ

فَخِلتُ لَيْلاً عَلاَ صَبَاحًا

أبْيَضُ هَذاَ وَذَاكَ أسْوَدْ

أفْدِيهِ آسًا عَلَى شَقِيقٍ

كَخَوْخَةٍ خَطَّ مَتْنَهَا النَّدْ

أوْ ظِلِّ نَبْتٍ عَلَى غدير

أوْ عَنْبَرٍ فِي لَظًى تَوَقَّدْ

أوْ نَثْرِ مِسْكٍ عَلَى نُضَارٍ

أوْ سَبَجٍ لِلْعَقِيقِ نُضّدْ

أوْ لازَوَرْدٍ أذِيبَ كَيْمَا

برسم فِي شَكْلِهِ المُعَسْجَدْ

أوْ شَاطِىءٍ نبتُهُ مُحِيطٌ

بِبَحْرِ نُونٍ شعَاعهُ مَدْ

أوْ كَاتِبِ الْحُسْنِ خَطَّ لاَمًا

فِي صَفَحَاتِ الْبَهَا وَجَوَّدْ

أوْ خطِّ زَاجٍ عَلَى سَوَادٍ

أحَاطَ شَكْلاً سنَاهُ أوْقَدْ

أوْ رَايَةٍ آذَنَتْ بِفَرْحٍ

إذْ قُورِنَتْ بِالْبَيَاضِ فِي الخَدْ

كَأنَّمَا الْخَالُ إذْ تَبَدَّى

بِصَفْحَةِ الْخَدّ إذْ تَوَرَّدْ

نُقْطَةُ حِبْرٍ بلوح تِبْرٍ

أشْرِبَ مِنْهَا الْعِذَارُ فَامْتَدْ

أوْ رِجْلُ نَمْلٍ تَسِيرُ وَهْنًا

لما اغتدى بالبهَا مقيد

أوْ حَبُّ مِسْكٍ عَلَى اللَّظَى أوْ

إنسَانُ عَيْنٍ تراهُ أرْقدْ

أوْ حَبَشِيٌّ حَمَى ريَاضاً

أوْ قُرْصُ لآدٍ بصحن عسجد

أوْ مُوبَذَانُ المجوس يدعُو

لَبْيتِ نيرَانه وَيَجْهَدْ

أوْ رَاهبٌ مِنْ أهَيْلِ حَلمٍ

أصْبَحَ فِي نَارِهِ مُخَلَّدْ

أو حبَّةٌ فَخُّلَها عِذَارٌ

لِصَيْدِ طَيْرِ الْفُؤَادِ يُرْصَدْ

أوْ بُلْبُلٌ فِي الشَّقِيقِ لَوْلاَ

جَارِحُ ألْفَاظِهِ لَغَرَّدْ

أوْ كَوْكَبٌ عَمَّهُ كسُوفٌ

إذْ قَارَنَ الشَّمْسَ فِي سَمَا الخَدْ

بِالرُّوحِ أفْدِي هلاَلَ حسنٍ

صَالَ هِزَبْراً وَصَالَ أغْيَدْ

قَلَّدَهُ طَرْفُهُ اجْتِهَاداً

بِصَارِمٍ للِدِّمَا تَقَلَّدْ

لاَ تُنْكِرُوا إنْ أبَاحَ قَتْلِي

فَهْوَ لَعَمْرِي الرَّشَا الْمُقَلَّدْ