أضاءت بك الدنيا وغاب ظلامها

أضَاءَتْ بِكَ الدُّنْيَا وَغَابَ ظَلاَمُهَا

فَأظْهَرَتِ البُشْرَى وَزَادَ ابْتِسَامُهَا

وَفَاخرت الأرْضُ السَّمَاءَ بأنْعُمٍ

حَمَتْهَا أيَادِيكَ المُرَجَّى دَوَامُهَا

فَلاَ الشَّمْسُ أبْهَى من صَنَائِعكَ التي

عَنِ المسكِ أنْبَتْ حِينَ فُضَّ ختَامُها

وَلاَ الغيثُ أنْدَى من مَوَاهبكَ الَّتِي

يَجُودُ عَلَيْنَا صَوْبُهَا وَرَكَامُهَا

بِجُودِكَ آفَاقُ البِلاَدِ خَصيبةٌ

وَهَلْ تَمْحَلُ الدُّنْيَا وَأنتَ غَمَامُهَا

إذاً غِبتَ عَنْ أرْضٍ وَيَمَّمْتَ غَيْرَهَا

فَقَدْ غَابَ عَنْهَا سَعْدُهَا وَقَوامُهَا

حويتَ فخاراً لَمْ ينله مشمر

بسُحْبِ هبَاتٍ لاَ يُفَك انسجامُهَا

وَنِلْتَ بِحُسْنِ الرَّأيِ مَا لاَ يَنَالُهُ

سِوَاكَ بِبِيضِ الهِنْدِ خيفَ انْفصَامُهَا

لَقَد شَاءَ ربّ النَّاسِ تفصيلَ قَدْرِهِمْ

بِأنَّكَ فِي بَيْتِ المَعَالِي إمَامُهَا

أرَى حَوْزَةَ الإسْلاَمِ لما وَلِيتَهَا

أهِينَ مُنَاوِيهَا وَعَزَّ كِرَامُهَا

حَفِظْتَ بِلاَدَ الغَرْبِ بالهمّةِ الَّتِي

تُصَانُ نَوَاصِيَها وَتُحْمَى خيَامُهَا

وَقَلَّدْتَهَا مِنْ مَشْرِقِ الفَضْلِ نِعْمَةً

أنَارَتْ بِهَا أرْجَاؤُهَا وَخِيَامُهَا

وقيّدت فِيهَا العَدْلَ فضلاً فَأصْبحتْ

بِهَا العِيرُ تَرْعَى وَالأسودُ إمَامُهَا

فَأنْتَ الإمَامُ اللَّيْثُ في مَعْرَكِ الوَغَى

إذَا شَابَتِ الهيجا وَشَبَّ ضرَامهَا

تَصُولُ بِبِيضٍ للمَنَايَا قَرِيبَة

وَتَرْمِي بِقوسٍ لَيْسَ تُخْطِي سهامها

وَتنهضُ للإبطَال تُفْنِي عَدِيدَهَا

وَلَوْ أصْبَحَتْ كَالنَّمِل عَدَّا ضِغامُها

خُصِصْتَ بِنصرْ وَانْتَصَرْتَ بعِزَّةٍ

تُهَزّ عَوَالِيهَا وَيُنْضَى حسامهَا

عَلَى يدكِ البَيْضَاءِ أيّ يَرَاعَةٍ

يُرَاعَى مُعَادِيهَا وَيُرْعَى ذِمَامُهَا

مُسعَوَّدَةٍ سحرَ البيَانِ فَبَيْنَمَا

تَرُوقُ مَعَانِيهَا يَرُوعُ كَلاَمُهَا

فَرَائِدُ لا تَرْضَى ابن عبَّاد عَبْدَهَا

وَيُزْرِي بنظم ابن الخطيب نِظَامُهَا

يَمِيناً أمِيرَ المُؤْمِنِينَ بما حَوَتْ

أبَاطحُ أرْضِ المُصْطَفَى وَأكَامُهَا

لَقَدْ سَرَّنِي أنَّ الخِلاَفَةَ فِيكُمُ

مُخَيِّمَةٌ مَا أنْ يُخَافُ انفصَامهَا

جَمَعْتُمْ بَنِي الفَارُوق مُفْتَرِقَ العُلَى

فَكُنْتُمْ عُقُودَ الدُّرِّ زَانَ انْتِظَامُهَا

فَلاَ زِلْتَ تَبْقَى للعُلَى مَا تَأوَّدَتْ

غُصُونٌ وَقَدْ غَنَّى عَلَيْهَا حَمَامُهَا