إلى متى ذا الجفا وذا الصد

إلَى مَتَى ذَا الجَفَا وَذَا الصَّدْ
يَا مَنْ لِمُغْرَى الفُؤَادِ قَدْ صَدّ
أمَا كَفَى مَا جَرَى بِخَدّي
مِنْ مَدْمَعٍ بِالْغَرَامِ أُوقِدْ
صَيَّرْتَ جَفْنِي غَرِيقَ دَمْعٍ
وَالْقَلْب فِي النَّارِ قَدْ تَوَقَّدْ
رُحْمَاكَ رُحْمَاكَ بِي فَإِنِّي
مُتَيَّمٌ هَائِمٌ مُسَهَّدْ
حَمَّلَنِي الهَجْرُ مِنْكَ مَا لَوْ
حُمِّلَه قَاسَيُونُ لاَنْهَدْ
يَا لِلْهَوَى قَدْ أبَاحَ قَتْلِي
ظَبْيٌ لَه نَاظِرٌ تَأسَّدْ
عَبْسِيُّ أجْفَانِهِ المَوَاضِي
لِلتُّرْكِ تُعْزَى فَلِمْ تُهَنَّدْ
ثقَّفَ عِطْفًا وَسَنَّ طَرْفًا
فَصَالَ بِالرُّمْحِ وَالْمُهَنَّدْ
قَلَّدَهُ الطَّرْفُ سَلْبَ رُوحِي
يَا حَبَّذاَ الفَاتِكُ المُقَلَّدْ
غَصَبْتُهُ قُبْلَةً فَنَادَى
عَلَيْكَ فِيمَا فَعَلْتَهُ الْحَدْ
فَقُلْتُ خُذْهَا بِألْفِ ألْفٍ
فِي الثَّغْرِ إنْ شِئْتَ أوْ عَلَى الخَدْ
فَقَالَ مَا بِالقِصَاصِ أقْضِي
فَقُلْت مَالِي بِذَاكَ مِنْ يَدْ
وَإنَّمَا نِلْتُ ذَاكَ غَصْبًا
وَالْحُكْمُ فِي الغَصْبِ عِنْدَنَا الرَّدْ
فَقَالَ هَيْهَاتَ أنْتَ لِصٌّ
وَاللِّصُّ لاَ يَنْتَهِي بِلاَ حَدْ
أوْجَدَ فِي بَاطِنِي لَهِيبًا
وَقَالَ هَزْلاً أوْجَدْتُ أوْجِدْ
فَقُلْتُ حَسْبِي فَقَالَ كَلاَّ
فَقُلْتُ زِدْنِي فَقَالَ إعْتَدْ
يَا لَلرِّجَالِ ارْحَمُوا كَئِيبًا
رَقَّ لَهُ شَامِتٌ وَحُسَّدْ
يَحِنُّ فِي غَوْرِهِ لِنَجْدٍ
صَوَّبَهُ فِي الهَوَى وَصَعَّدْ
وَطَارَ مِنْ شَوْقِهِ إلَى أنْ
أقْعَدَهُ الحُبُّ كُلَّ مَقْعَدْ
مُشَرَّدٌ فِي الهَوَى يُنَادِي
اللَّهَ اللَّهَ فِي المُشَرَّدْ
يُمْسِي وَيُضْحي حَرِيقَ قَلْبٍ
هَامِي سَحابِ الجُفُونِ مُكْمَد
ذَابَ حَشَاهُ فَسَالَ دَمْعًا
أمَا تَرَى لَوْنَهُ مُوَرَّدْ
أنْحَلَهُ سُقْمُهُ إلَى أنْ
أخْفَاهُ عَنْ عُذَّلٍ وَعُوَّدْ
وَقَدْ تَلاَشَى وَذَابَ حَتَّى
لَوْ صُبَّ في المَاءِ مَا تَجَسَّدْ
وَفَارَقَتْهُ الحَيَاةُ لَمَّا
بُدّلَ بَعْدَ الوِصَالِ بِالصَّدْ
- Advertisement -