حجبوا فأي مدامع لم تهرق

حُجِبُوا فَأيَّ مَدَامِعٍ لَمْ تُهْرَقِ

أسَفاً وَأيَّ أضَالِعٍ لَمْ تُحْرَقِ

وَتَرَحَّلَتْ عَنْهُمْ رَكَاِئِبُنَا فَهَلْ

لِي بَعْدَ بُعْدِ المُلْتَقَى أنْ نَلْتَقِي

غَرُبَتْ شُمُوسُهُمُ وَغَابَ شُعَاعُهَا

بِالأمْسِ عَنْ عَيْنِي كَأنْ لَمْ تُشْرِقِ

لَوْ ُكُنْتَ شَاهِدَنَا وَمَا فَعَلَ الهَوَى

بِقُلُوبِنَا لَحَسَدْتَ مَنْ لَمْ يَعْشَقِ

وَرَحِمْتَ صَبَّا قَدْ بَكَى لِبُكَائِهِ

جَفْنُ الغمَامِ بِدَمْعِهِ المُتَدَفقِ

غَفَلَ الرَّقِيبُ وَسَاعَدَتْنَا خلوَةٌ

فِي بَثّ وجدٍ وَاجْتِلاَبِ تَشَوُّقِ

فَتَصَعَّدَتْ زَفَرَاتُهَا ثُمَّ انْبَرَتْ

تَشْكُو النوَى بِتَحَرُّقٍ وَتَعَلُّقِ

وَدَّعْتُهَا والبينُ أوْدَعَ مُهْجّتِي

لِزَفِيرِ أشْوَاقٍ وَوَجْدٍ مُحْرِقِ

ثُمَّ انْثَنَيْتُ وَمُهْجَتِي في أسْرِهَا

حَكَمَ الغرَامُ بِأنَّهَا لَمْ تُعْتَقِ

سَقْيًا لهَاتيكَ اللُّيَيْلآتِ الَّتي

غُنمَتْ عَلَى غيظ العَدُوّ الأحْمَقِ

حَيْثُ الحمَى رَفَّتْ حَوَاشي بُرْدِهِ

للِنَّاظِرِ المُتَوَسمِ المُتَأنقِ

وَالرَّوْضُ بَيْنَ مُتَوَّجٍ وَمُشَنَّفٍ

وَالغُصْنُ بَيْنَ مُمَنْطَقٍ وَمُقَرْطَقِ

وَالنَّهْرُ بَيْنَ مُدَعَّجٍ وَمُزَرَّدٍ

وَالزَّهْرُ بَيْنَ مُؤَنَّقٍ وَمُنَمَّقِ

وَالكَأسُ بَيْنَ مُفَضَّضٍ وَمُذَهَّبٍ

وَالخَمْرُ بَيْنَ مُجَدَّدٍ وَمُعَتَّقِ

يَاكَمْ قَضَيْتُ بِدَهْمِهَا وَطَراً إلَى

أنْ لاَحَ أشْهَبُ صُبْحِهَا فِي المَشْرِقِ

وَقَطَعْتُ بَحْرَ دُجَائِهَا وَهِلاَلُهَا

مَا بَيْنَ فُلْكِ نُجُومِهَا كَالزَّوْرَقِ

آهٍ لَهَا وَلَّتْ وَأوْلَتْ مُهْجَتِي

لِسَعِيرِ إحْرَاقٍ وَدمْع مُغْرِقِ