رضيع الضيا للبين قد طر شاربه

رَضيع الضِيَا لِلْبَيْنِ قَدْ طَرَّ شَارِبُهْ

وَكَهْل الدُّجَى مُذْ شَبَّ شابَتْ ذَوَائبُهْ

وَمَا اللَّيْل إلاَّ الدَّهْر أعْيَتْ صروفُه

وَمَا هُوَ إلاَّ صَرْفُه وَعَجَائِبُهْ

لَهُ الوَيْلُ مِنْ لَيْلٍ تَطَاوَلَ إذْ غَدَا

يُجَاذِبُنِي ذِكْرَ الهَوَى وَأجَاذِبُهْ

طَلَبْتُ بِهِ وَصلاً تَقَادَمَ عَهْدُه

وَمَا كُلُّ مَطْلُوبٍ يُنَوَّلُ طَالِبُهْ

عَلَى حِينِ أحَيْاَ مَيِّتُ النَّوْمِ نَاظِرِي

لِزَوْرَةِ طَيْفٍ أشْبَهَ الصدقَ كَاذِبُهْ

وَمَا زَالَ رَبْعُ الصْبرِ زُوراً وَإنَّمَا

لِيَمْرَعَ مَرْعَاهُ وَتَصْفُو مَشَارِبُهْ

وَبِي مُحْسِنٌ قَدْ سَاءَ صَدّاً وَرُبَّمَا

بَدَا الصُّدُ مِنْ أمْرٍ تَسُرُّ عَوَاقِبُهْ

فَلاَ وَصْلَ إلاَّ أنْ يَلُمَّ خَيَالُهُ

وَلاَ هْجَرَ إلا أنْ تُزُمَّ رَكَائِبُهْ

وَلِي كَبِدٌ حَرَّاءُ فِي أبْحُرِ الجوَى

تَسِيرُ بِهَا سُفْنُ الهَوَى وَمَرَاكِبُهْ

فَهَلْ سَاحِلٌ بِالقُرْبِ يَلْجَأ عِنْدَهْ

غَرِيقُ دُجًى لَمْ تَبْدُ فِيهِ كَوَاكِبُهْ

أيَا صَاحِبَيْ نَجْوَايَ هَلاَّ تَرَفُّقًا

فَقَدْ يَجْلُبُ الشَّيْءَ البَعِيدَ جَوَالِبُهْ

خُذَا الحذرَ مِنْ أعْطَافِهِ وَجُفُونِهِ

فَمَا هِيَ إلا سُمْرُهُ وَقَوَاضِبُهْ

وَإيَّاكُمَا القَوْسَ المُرَاشَ سِهَامُهَا

ألَمْ تَرْمِكُمْ ألْحَاظُهُ وحَوَاجِبُهْ

وَمَاذَا عَلَى مَنْ صَارَ خَالاً بِخَدّهِ

أغَارَ أبُوهُ أوْ أغِيظَتْ أقَارِبُهْ

لَهُ عَارِضٌ في الخَدّ قَدْ زَانَ شكله

كَمَا زَانَ خط اللام في الطرس كاتبُهْ

بَكَيْتُ وَقَدْ قَدَّ الحَشَا وَهْوَ ضَاحِكٌ

وَهَلْ يَسْتَوِي مَسْلُوبُ قَلْبٍ وَسَالِبُهْ

فَمِنْ لوعةٍ فِي الصَّدْرِ شَبَّ ضِرَامُهَا

ومن مَدْمَعٍ يَرْفَضُّ في الخَدّ سَاكِبُهْ

خَلِيليَّ مَا لِي يَوْمَ نَهْبِ جَوَانِحِي

أخَيَّبُ مِنْ مَالِي وَيَغْنَمُ نَاهِبُهْ

وَمَا لِسَنَا بَدْرِ الدُّجُنَّةِ كُلَّمَا

أجَلْتُ لحَاظِي فِيهِ جَالَتْ غَيَاهِبُهْ

وَمَا لِلْفَتَى العُذْرِيّ أنْشَدَ إذْ غَدَا

مَشَارِقُه مَجْهُولَةٌ وَمَغَارِبُهْ

أرِيحُوا فَتًى في الحبّ ضَاقَت مَذاهِبُهْ

وَلَمْ يلقَ صَبّاً فِي الغَرَامِ يُجَاوِبُهْ

مَتَى مَا دَنَا يُجْفَى وَإن يُجْتَنَبْ دَنَا

فَأَيٌّ يُدَانِيهِ وَأَيٌّ يُجَانِبُهْ

وَمَهْمَا دَعَاهُ الوصلُ عَارَضَهُ الجَفَا

فَأَيٌّ يُحَابِيهِ وَأَيٌّ يُشَاغِبُهْ

وَمَهْمَا شَفَاهُ السقمُ أوْدَى بِهِ الشِّفَا

فَأَيٌّ يُعَانِيهِ وَأَيٌّ يُعَاطِبُهْ

وَمَهْمَا نَهَاهُ اليَأسُ اقْتَادَهُ الأسَى

فَأَيٌّ يُوَالِيهِ وَأَيٌّ يُحَارِبُهْ

وَقَدْ هُزِمَتْ رَايَاتُ جيشِ اصْطِبَارِهِ

عَلَى حِينِ جَيْشُ الوجدِ جَالَتْ كَتَائِبُهْ

وَأصْبَحَ لاَ طِيبُ الوِصَالِ مُيَسَّرٌ

لَدَيْهِ وَلاَ دَارُ الحَبِيبِ تُقَارِبُهْ

فَلاَ عِيشة تُرْضَى لِمَنْ قَلَّ صَبْرُهُ

وَلاَ صبر إلا أن تَطِيبَ مَكَاسِبُهْ

فَمَا كُلُّ عَيْنٍ بِالجَمَالِ قَرِيرَةٌ

وَلاَ كُلُّ سمعٍ قَدْ نَجَاهُ مُجَاوِبُهْ

وَلاَ كُلُّ مَنْ قَدْ سَارَ رُدَّتْ جِيَادُهُ

وَلاَ كُلُّ مَنْ وَافَى انيخت ركَائِبُهْ

فَقَدْ يَدَّعِي الاشَواقَ مَنْ لَيْسَ شَائِقاً

كَمَا يَرْقُبُ الجوزَاءَ مَنْ لاَ تُرَاقِبُهْ