أيا شقيق الروض حياه الحيا

أيا شقيقَ الرَّوْضِ حَيَّاه الْحَيَا

فاحْمَرَّ وردُ خَدِّه من الْحَيَا

لأنتَ تِرْبُ الغُصْنِ نَشْوانَ إذا

أدارت السُّحْبُ له خَمْرَ النَّدَى

وامْتلأتْ كاسُ الشَّقِيقِ سُحْرَةً

فاحْمَرَّ من خَجْلَتِه خَدُّ الطِّلاَ

شِفاءٌ وَجْدِي لَثْمُ خالِ خَدِّه

والْحَبَّةُ السَّوْداءُ للدَّاءِ شِفَا

يتْركُنِي تَرْكَ الظلِيمِ ظَلْمُه

وهذه شِيمةُ آرامِ الْفَلاَ

تعلَّمتْ منه الليالي غَدْرَها

فأنْجَزتْ باليأْسِ مِيعادَ الرَّجَا

غَمائمٌ لُعْسُ الشِّفاهِ ابْتسَمتْ

عن ثَغْرِ بارِقٍ إذا الثَّغْرُ بَكَا

تفُكُّ مِن مَحْلٍ وجَدْبٍ أسْرَهُ

وتنْثُرُ الدُّرَّ على هامِ الرُّبَى

يسُوقها الرعدُ بصوتٍ مُذْهَبٍ

من بَرْقِه وهْي بَطِيَّاتُ الخُطَا

لا يَلِجُ الطَّيْفُ إليه فَرَقاً

وفيه ليستْ تهتدي كُدْرُ القَطَا

بالتُّرْسِ تسْرِي الشمسُ فوق أُفْقِهِ

والصُّبْحُ يلْقاه بعَضْبٍ مُنْتضَى

مَجَرَّةٌ في شَفَقٍ كأنها

والزهرُ فيها ذاتُ مَنْظرٍ زَهَا

نَهْرٌ به كَفُّ الشَّمالِ نثَرتْ

وَرْداً ونَسْرِيناً جَنِيّاً قُطِفَا

على أغَرِّ أدْهَمٍ قد طلَعتْ

مِن وجهِه في ظُلْمةِ الليل ذُكَا

غُرَّتُه من تحت هُدْبِ شَعْرِهِ

طُرَّةُ صُبْحٍ تحت أذْيالِ الدُّجَا

أدْهَمَ قيِّدِ كُلِّ وَحْشٍ شارِدٍ

قبَّلَه الليلُ فكُلُّه لَمَى

نجائِبُ قد طفِقَتْ أخْفافُها

في الرَّملِ تُبْدِي لي ضمائرَ الثَّرَى

قد سترَ الجمالُ حُسْنَ وَجْهِهِ

صَوْناً لأبْكارِ العُقول والنُّهَى

فوقَف الحُسْنُ عليه حائِراً

مُتيَّماً وَلْهانَ في ذاك الْبَهَا

تَهْوَى الصَّبَا شَمائلَ اللُّطْفِ به

فلا تُداوِي سُقْمَها أيْدِي الأُسَا

إلاّ إذا ما لَمَستْ ضَرِيحَه

فكم سَقامٍ من تُرابِه اشْتفَى

سَرَى إلى السَّبْعِ الطِّباقِ جسمُه

في صُحْبةِ الرُّوحِ الأمينِ ورَقَى

إن قطَع الأفْلاكَ سُرْعَةً فلا

بُعْدَ فإن ذاتَه شمسُ الضُّحَى

حَوافِرُ البُراقِ مِن آثارِها

قد ظهرَتْ فيه أهِلَّةُ السَّمَا

يُغْنِي عن المدحِ رَفِيعُ قَدْرِهِ

فيُمْدَح المدحُ به وما دَرَى

كلُّ لِباسٍ للمديح قاصِرٌ

عنه يُحَلَّ رَحْلُه دون المَدَى

سال لُعابُ الشمسِ ممَّا تشْتهِي

لَذِيذَ هاتِيك المَعاني إذْ حَلاَ

فصاحةٌ ما الشِّعر منها بالغٌ

ببَحْرِه قطرةَ وَصْفِ ذِي صَفَا

لذلك قد قَطَّعَه الناسُ وقد

دارتْ به دَوائرُ القومِ الأُلَى

بين يَدَيْها ابنُ دُرَيدٍ حاجِبٌ

وألِفاتُ شِعْرِه مِثْلُ الْعَصَا

ذَيْلُ الدُّجَى بِعَرْفِها مُمَسَّكٌ

مُضَمِّخٌ خَلُوقُها بُرْدَ الضُحَى