عليل الشوق فيك متى يصح

عَليلُ الشَوقِ فيكِ مَتى يَصِحُّ

وَسَكرانٌ بِحُبِّكِ كَيفَ يَصحو

وَأَبعَدُ ما يُرامُ لَهُ شِفاءٌ

فُؤادٌ فيهِ مِن عَينَيكِ جُرحُ

فَبَينَ القَلبِ وَالسُلوانِ حَربٌ

وَبَينَ الجَفنِ وَالعَبَراتِ صُلحُ

مَزَحتَ بِحُبِّكُم يا قَلبُ جَهلاً

وَكَم جَلَبَ الهَوانُ عَليكَ مَزحُ

وَقالوا قَد جُنِنتَ بِها وَظَنَّ ال

عَواذِل فيكِ أَنَّ اللَومَ نُصحُ

وَما بي مِن جُنونٍ غَيرَ أَنّي

أَحِنُّ هَوىً بِقَلبي مِنهُ بَرحُ

وَلَمّا فَلَّ جَيشَ الشَوقِ صَبري

وَعادَ رَذاذُ دَمعي وَهوَ سَحُّ

وَلَم أَملِك إِلى الشَكوى سَبيلاً

كَتَبتُ إِلَيكَ وَالعَبَراتُ تَمحو

وَلولا الشَوقُ لَم يَسفَح دُموعي

لِدارِكِ مِن لَوى العَلَمينِ سَفحُ

وَلولا جودُ قَيمازَ المُرَجّى

نَداهُ ما زَكى في الناسِ مَدحُ

وَخابَ ذَوو الرَجاءِ فَلَم يُقارِن

بَني الآمالِ في الحاجاتِ نُجحُ

فَتىً سَمُحَت بِهِ أَيّامُ دَهرٍ

بَخيلٍ أَن يُرى في الناسِ سَمحُ

مُجيرٌ لا يُضامُ لَديهِ جارٌ

وَراعٍ لا يُراعُ لَدَيهِ سَرحُ

فَلِلعافينَ إِعطاءٌ وَبِشرٌ

وَلِلجانينَ إِغضاءٌ وَصَفحُ

إِلَيكَ مُجاهِدَ الدينِ اِستَقامَت

بِنا ميلٌ مِنَ الآمالِ طِلحُ

إِذا أَمَّت سِواكَ عَلى ضَلالٍ

هَداها مِن نَسيمِ ثَراكَ نَفحُ

فَأَنتَ إِذا اِقشَعَرَّ العامُ غَيثٌ

وَأَنتَ إِذا اِدلَهَمَّ الخَطبُ صُبحُ

فِداكَ مُقَصِّرونَ عَنِ المَساعي

إِذا سَحَّت نَدا كَفَّيكَ شَحّوا

وُجوهُهُمُ إِذا سُئِلوا نَوالاً

مُعَبَّسَةٌ إِلى السُؤّالِ كُلحُ

يُعَدُّ البُخلُ في الحَسناءِ ذاماً

فَكَيفَ بِمَن لَهُ بُخلٌ وَقُبحُ

لَئِن سَمُحَت بِزَورَتِكَ اللَيالي

وَأَعهُدُها بِحاجاتي تَشُحُّ

لَأَغتَفِرَنَّ ما أَبقَتهُ عِندي

إِساءَتُهُنَّ وَالحَسَناتُ تَمحو

فَدونَكَ مُجمَلاً مِن وَصفِ حالي

إِذا لَم يُجدِ تَصريحٌ وَشَرحُ

أَتَتكَ بِهِ قَوافٍ مُحكَماتٌ

عِرابٌ حينَ أَنسِبُهُنَّ فُصحُ

خُلِقنا لِلشَقاوَةِ في زَمانٍ

تَساوى فيهِ تَقريظٌ وَقَدحُ

يُرى أَنَّ الخُمولَ لَديهِ نُبلٌ

وَنَيلٌ وَالسَلامَةَ فيهِ رِبحُ

فَكَيفَ يَفوزُ لِلفُضَلاءِ فيهِ وَقَد

وُرِيَت زِنادُ الفَضلِ قِدحُ

سَجايا أَهلِهِ غَدرٌ وَلُؤمٌ

لا عَهدٌ وَلا وَعدٌ يَصِجُّ

سَأَنفُضُ مِن جُدى البُخَلاءِ كَفّي

وَإِن لَم يُلفَ مِنهُ لَدَيَّ رَشحُ

وَأُمسي لِلقَناعَةِ حِلسَ بَيتي

إِذا لَم يُغنِني كَدٌّ وَكَدحُ

فَيا مَن بَحرُ نائِلِهِ عِذابٌ

مَوارِدُهُ وَماءُ الوَردِ مِلحُ

مَدَدتَ عَلى البِلادِ جَناحَ عَدلِ

فَعِش ما اِمتَدَّ لِلظَلماءِ جُنحُ