لم يبق فيك لمشتاق إذا وقفا

لَم يَبقَ فيكَ لِمُشتاقٍ إِذا وَقَفا

إِلّا اِدِّكارُ رُسومٍ تَبعَثُ الأَسَفا

وَنَظرَةٌ رُبَّما أَرسَلتُ رائِدَها

وَالطَرفُ يُنكِرُ مِن مَعناكَ ما عَرَفا

يا مَنزِلا بِاللِوى أَقوى مَعالِمُهُ

لَم يَعفُ وَجدي عَلى سُكّانِهِ وَعَفا

لَولاكَ ما هاجَني نَوحُ الحَمامِ وَلا

هَفا بِيَ البَرقُ عُلوِيّاً إِذا خَطَفا

أَعائِدٌ وَأَحاديثُ المُنى خُدَعٌ

عَلى الغَضا زَمَنٌ مِن عَيشِنا سَلَفا

هَيهاتَ أَن تَخلِفَ الأَيّامُ مِن عُمُري

شَبيبَةً فيكُمُ أَنفَقتُها سَرَفا

وَباخِلٍ سَمُحَ الطَيفُ الكَذوبُ بِهِ

وَاللَيلُ قَد مَدَّ مِن ظَلمائِهِ سُجَفا

أَسرى إِلَيَّ عَلى ما فيهِ مِن فَرَقٍ

تَحتَ الدُجى يَركَبُ الأَهوالَ مُعتَسِفا

فَبِتُّ مِن قَدِّهِ لِلغُصنِ مُعتَنِقاً

طَوراً وَمِن خَدِّهِ لِلخَمرِ مُرتَشِفا

فَيا لَهُ مِن بَخيلِ كَيفَ جادَ لَنا

عَفواً وَمِن غادِرٍ بِالعَهدِ كَيفَ وَفا

وَفاتِرِ الطَرفِ مَمشوقِ القَوامِ لَهُ

قَد يُعَلِّمُ خوطَ البانَةِ الهَيَفا

إِن قُلتُ جُرتَ عَلى ضَعفي يَقولُ مَتى

كانَ المُحِبُّ مِنَ المَحبوبِ مُنتَصِفا

أَو قُلتُ أَتلَفتَ روحي قالَ لا عَجَبٌ

مِن ذاقَ طَعمَ الهَوى يَوماً وَما تَلِفا

إِن أَنكَرَت مِن دَمي عَيناهُ ما سَفَكَت

فَقَد أَقَرَّبِهِ خَدّاهُ وَاِعتَرَفا

ما قُلتُمُ الغُصنُ مَيّالٌ وَمُنعَطِفٌ

فَكَيفَ مالَ عَلى ضَعفي وَما عَطَفا

يا صاحِ قُم فَوُجوهُ اللَهوِ سافِرَةٌ

وَناظِرُ الهَمِّ بِالأَفراحِ قَد طُرِفا

كَسا الرَبيعُ ثَراها مِن خَمائِلِهِ

ريطاً وَأَلقى عَلى كُثبانِها قُطُفا

وَالغَيمُ باكٍ وَثَغرُ النورِ مُبتَسِمٌ

وَطائِرُ البانِ في الأَغصانِ قَد هَتَفا

وَالثَغرُ رَيّانُ لَدنُ العِطفِ قَد عَقَدَت

لَآلِئُ الطَلِّ مِن أَوراقِهِ شَنَفا

فَاِنهَض إِلى الراحِ وَاِعذُر في الغَرامِ بِها

لا تُلحِ مَن باتَ مَشغوفاً بِها كَلِفا

وَاحبُ النَديمَ بِها حَمراءَ صافِيَةً

صِرفاً إِذا ثَبَتَت في صَدرِهِ رَجفا

راحاً كَأَنَّ عِمادِ الدينِ شابَ بِها

في الكَأسِ ما رَقَّ مِن أَخلاقِهِ وَصَفا

في جَنَّةٍ جادَها وَسَمِيُّ راحَتِهِ

وَاِمتَدَّ فيها عَلَينا ظِلُّهُ وَضَفا

حَيثُ التَقَينا رَأَينا مِن صَنائِعِهِ

وَمِن سَجاياهُ فيها رَوضَةً أُنُفا

أَعدَت شَمائِلُهُ مَرَّ النَسيمِ بِها

وَكُلَّما هَبَّ في أَرجائِهِ لَطُفا

عَلى شَفا جَدوَلٍ في أَبرَدَيهِ إِذا اِع

تَلَّ النَسيمُ لَأَدواءِ الهُمومِ شَفا

يُزهى بِمُلكٍ إِذا سُحبُ الحَيا بَخِلَت

أَرخى لَها سُحُباً مِن جودِهِ وَضَفا

جَذلانُ يُصبِحُ شَملُ المالِ مُنصَدِعاً

في راحَتَيهِ وَشَملُ الحَمدِ مُؤتَلِفا

يا مَن يَلومُ عَلِياً في مَواهِبِهِ

هَيهاتَ حاوَلتَ مِنهُ غَيرَ ما أَلفِا

فَهَل يُلامُ عُبابُ البَحرِ إِن زَخَرَت

أَمواجُهُ وَمَهَبُّ الريحِ إِن عَصَفا

أَقسَمتُ لَو كانَ يَدري ما الحَياءُ حَياً

أَرضاً بِها نَزَلَت جَدواهُ ما وَكَفا

عانٍ عَلى الشَرَفِ المَوروثِ تالِدُهُ

بِما اِستَجَدَّ مِنَ العَلياءِ أَو طَرُفا

ما زادَهُ قَومُهُ فَخراً وَإِن بَلَغوا

في المَجدِ شَأواً عَلى مَن رامَهُ قَذَفا

فَالأَنجُمُ الزُهرُ وَالشُبُّ اّلثَواقِبُ لَو

كانَت عَشائِرَهُ زادَت بِهِ شَرَفا

وَالغَيثُ لَو جاوَرَت كَفّاهُ ديمَتَهُ الوَ

طفاءَ أَضحى لَها بِالجودِ مُعتَرِفا

ماضي الغِرارِ إِذا البيضُ الحِدادُ نَبَت

ثَبتُ الجَنانِ إِذا قَلبُ الحَليمِ هَفا

يَستَلُّ مِن عَزمِهِ في الرَوعِ ذا شُطَبٍ

عَضباً وَيَلبَسُ مِن آرائِهِ زَعفا

كَأَنَّ غُرَّتَهُ وَالخَطبُ مُعتَكِرٌ

بِشائِرُ الصُبحِ جَلّا نورُها السُدفا

تَلقى الغِنى عِندَهُ إِن جِئتَ مُجتَدِياً

وَالعَفوَ إِن جِئتَهُ لِلذَنبِ مُعتَرِفا

ما لِلزَمانِ وَلي حَتّامَ تَجمَعُ لي

أَيّامُهُ مَع سَواءِ اللَيلَةِ الخُسُفا

يَسومُ ذُؤبانَهُ مَدحي وَيَطمَعُ في

أَنّي أُنازِعُها أَشلاءَها الجيفا

هَيهاتَ تَرهَبُ نَفسي عَن مَطامِعِها

وَصُنتُ فَضلِيَ عَن إِدناسِها صَلَفا

لِلَّهِ دَرُّ أَبِيِّ النَفسِ مُمتَعِضٍ

لِفَضلِهِ أَن يُلاقي الحَيفَ وَالجَنَفا

يَأبى فَضارَةَ عَيشٍ جَرَّ مَلبَسُها

ذُلّاً وَيَختارُ عِزَّ النَفسِ وَالقَشَفا

قالوا اِنتَزِح وَتَغَرَّب تَكتَسِب شَرَفاً

فَالدُرُّ ما عَزَّ حَتّى فارَقَ الصَدَفا

أَأَترُكُ البَحرَ دوني سائِغاً غَدَقاً

وَأَجتَدي وَشَلاً بِالجَوِّ مُنتَزِفا

أَبَت عَطايا عَلِيٍّ أَن أَمُدَّ إِلى

يَدي يَداً كَفَّني مَعروفُهُ وَكَفا

كَم رَدَّ عَنّي سِهامَ الدَهرِ طائِشَةً

وَلَم أَزَل لِمَرامي صَرفِهِ هَدَفا

وَكَم دَعَوتُ أَبا نَصرٍ لِحادِثَةٍ

جَلَّت فَما خارَ عَن نَصري وَلا صَدَفا

أَحَلَّني مِن جَميلِ الرَأيِ مَنزِلَةً

غَدَوتُ مِنها لِظَهرِ النَجمِ مُرتَدِفا

تَبدو لَهُ عَورَةٌ مِنّي فَيَستُرُها

وَإِن دَعَوتُ بِهِ في غَمَّةٍ كَشَفا

يا مَن إِذا قالَ أَعيى القائِلونَ لَهُ

وَمَن إِذا جادَ أَعطى الجِلَّةَ الشَرَفا

فَداكَ كُلُّ قَصيرِ الباعِ مُنسَلِخٍ

مِنَ المَكارِمِ مَهجُوٍّ إِذا وَصِفا

لا تَعرِفُ العُرفَ كَفّاهُ وَلا هُوَ إِن

حاوَلتَ تَعريفَهُ في مَحفَلٍ عُرِفا

فَاِسمَع دُعاءَ وَلِيٍّ باتَ مُبتَهِلاً

فيهِ وَظَلَّ عَلى الإِخلاصِ مُعتَكِفا

مَدحاً مَلَأتُ بِهِ قَلبَ الحَسودِ جَوىً

كَما مَلَأتُ بُطونَ الكُتبِ وَالصُحُفا

سَرى فَما عَرَّسَ الرُكبانُ في طَرَفٍ

إِلّا رَأوا فيهِ مِن مَدحي لَكُم طَرَفا

فَاِفنِ اللَيالِيَ وَالأَيّامَ ساحِبَ أَذ

يالِ السَعادَةِ ما كَرّا وَما اِختَلَفا