لو بات من يلحي عليك مسهدا

لَو باتَ مَن يُلحي عَلَيكَ مُسَهَّداً

ما لامَني فيكِ الغَداةَ وَفَنَّدا

وَجَوىً بِقَلبي لَو غَدَت بُرَحاؤُهُ

بِالنَجمِ في أُفقِ السَماءِ لَما اِهتَدى

وَرَكائِبٌ شَطَّت بِكُم لَو حُمِّلَت

وَجدي لَما مَدَّت لِرَحّالٍ يَدا

وَمُغَرِّدٍ بِالبانِ لَو عَرَفَ الهَوى

لَم يُمس في غَذَبِ الغُصونِ مُغَرِّدا

لِلَّهِ مِن أَعلى المُحَصَّبِ مَنزِلٌ

ذَهَبَت بَشاشَةُ إِنسِهِ فَتَأَبَّدا

فيهِ تَعَلَّمتُ الهَوى وَبِجَوِّهِ

عَلَّقتُها بيضَ التَرائِبِ خُرَّدا

مَن لي بِأَن أُمسي لِبارِدِ ظِلِّهِ

مُتَفَيِّئاً وَلِتُربِهِ مُتَوَسِّدا

لَيتَ الرَكائِبَ لَم تَشُدَّ لِرَحلَةٍ

يَوماً وَلَم تَملَأ مَسامُعَها الحِدا

غَري الوُشاةُ بِعَيشِنا فَتَكَدَّرَت

أَوقاتُهُ وَبِشَملِنا فَتَبَدَّدا

وَأَمّا وَحُبِّ المالِكِيَّةِ إِنَّهُ

حُبٌّ إِذا خَلِقَ الزَمانُ تَجَدَّدا

ما مِلتُ عَنكِ وَلا غَدا قَلبي بِغَي

رِكِ مُستَهاماً مُكَمَّدا

وَأَنا العَذولُ لِعاشِقيكِ عَلى الهَوى

إِن ذُقتُ غَمضاً أَو عَرَفتُ تَجَلُّدا

يا صاحِبيَّ تَحَمَّلا لي حاجَةً

وَتَجَمَّلا إِن أَنتُما لَم تُسعِدا

إِن جُزتُما مُتَعَرِّضينِ لِرامَةٍ

فَسَلا بِها ذاكَ الغَزالُ الأَغيَدا

لِمَ عافَ وِردَ الماءِ قَد ظَمِأَت لَهُ

شَفَتاهُ وَاِتَّخَذَ المَدامِعَ مَورِداً

وَعَلامَ وَهوَ يَرودُ بَينَ جَوانِحي

جَعَلَ الفُؤادَ كَناسُهُ وَتَشَدَّدا

يا ماطِلي وَهُوَ المَلِيُّ بِدينِهِ

ما آنَ أَن تَقضي فَتُنجِزَ مَوعِدا

نامَت جُفونُكَ عَن جُفونِ مُتَيَّمٍ

حَكَمَ السُهادُ عَلى كَراها فَاِعتَدا

وَلَرُبَّ مَعسولِ الدَلالِ مُهَفهَفٍ

لَعِبَ الصِبى بِقَوامِهِ فَتَأَوَّدا

قابَلتُ فَيضَ الدَمعِ لَيلَةَ زُرتُهُ

بِمُوَرَّدٍ مِن خَدِّهِ فَتَوَرَّدا

وَسَقَيتُهُ حَمراءَ تُشبِهُ ريقَهُ

طَعماً وَتَحكي وَجنَتَيهِ تَوَقُّدا

رَقَّت عَلى أَنّي غَنيتُ بِنَهلَةٍ

مِن ريقِهِ كانَت أَرَقَّ وَأَبرَدا

وَلَقَد حَلَبتُ الدَهرَ شَطرَيهِ وَقَلَّبتُ

الرِجالَ بِهِ ثُناءَ وَمَوحَدا

وَبَلَوتُهُم طُراً فَلَم تَظفَر يَدي

بِمُحَمَّدٍ حَتّى لَقيتُ مُحَمَّدا

القائِدَ الجُردَ العِتاقَ شَوارِداً

تَطَأُ الفَوارِسَ وَالوَشيجَ مُقَصَّدا

عِقبانُ دَوٍّ أوطِئَت صَهَواتُها

عِقبانَ حَقٍ لا يَروعُهُمُ الرَدى

راحَت قَوادِمُها الرِماحُ وَريشُها

حَلَقُ الدُروعِ مُضاعَفاً وَمُسَرَّدا

مِن كُلِّ ضَرّابِ الفَوارِسِ مِحرَبٍ

يَجِدُ الدِماءَ مِنَ المَلابِسِ مِجسَدا

ياطالِبَ المَعروفِ طَوراً مُتهِماً

يُنضي رَكائِبَهُ وَطَوراً مُنجِدا

عَرِّج بِزَوراءِ العِراقِ تَجِد بِها

مِن جودِ مَجدِ الدينِ بَحراً مُزبِدا

يُعطي وَيوسِعُكَ العَطاءَ وَلا كَما

يُعطي سِواهُ مُقَلِّلاً وَمُصَرَّدا

سَبطُ الخَلائِقِ وَالبَنانِ إِذا غَدا

كَفُّ البَخيلِ عَنِ النَوالِ مُجَعَّدا

أَحيا مَواتَ المَكرُماتِ وَقَد غَدَت

دِرساً مَعالِمُها وَسَنَّ لَنا الهُدا

مَلِكٌ إِذا لَم تَبتَدِئهُ عُفاتُهُ

يَوماً بِمَسأَلَةٍ تَبَرَّعَ وَاِبتَدا

مُتَناصِرُ المَعروفِ ما أَسدى يَداً

في مَعشَرٍ إِلّا وَأَتبَعَها يَدا

ماضي العَزيمَةِ لا يَبيتُ مُفَكِراً

في الأَمرِ يَفجَعُهُ وَلا مُتَرَدِّداً

فَضلٌ وَإِفضالٌ وَطَوراً تَجتَدي

أَفعالُهُ الحُسنى وَطَوراً تُجتَدى

شادَت يَداهُ ما اِبتَنَت آباؤُهُ

وَكَفاكَ مِنهُ بانِياً وَمُشَيَّدا

بَيتٌ عَلَت أَركانُهُ وَسَما بِهِ

مَجداً عَلى قُلَلِ النُجومِ مُوَطَّدا

يَتلوهُ وَضّاحُ الجَبينِ بِرَأيِهِ

عِندَ الحَوادِثِ يُستَنارُ وَيُهتَدى

صِنوا أَبٍ نَشَئا عَلى مِنهاجِهِ

فَزَكَت فُروعُهُما وَطابا مَولِداً

فَرَسا رِهانٍ رُكِّضا في حَلبَةٍ

فَتَجاوَزا أَمَدَ العَلاءِ وَأَبَعَدا

حازا تُراثَ المُلكِ مِن كِسرى أَنو

شِروانَ فَاِتَّحَدا بِهِ وَتَفَرَّدا

آلَ المُظَفَّرِ أَنتُمُ الكُرَماءُ في الد

دُنيا وَخَيرُ مَنِ اِحتَبى وَمَنِ اِرتَدى

قَومٌ إِذا قَحِطَ الزَمانُ وَجَدتَّهُم

فيهِ مَلاذاً لِلعُفاةِ وَمَقصَدا

وَرِثوا السِيادَةَ كابِراً عَن كابِرٍ

كَهلاً وَمُقتَبِلَ الشَبابِ وَأَمرَدا

يَتَتابَعونَ إِلى المَكارِمِ سَيِّداً

مِنهُم يَرِفُّ إِلى العَلاءِ فَسَيِّدا

مُتَشابِهي الأَعطافِ لا مِن فِتيَةٍ

مِنهُم رَأَيتَ مُعَظَّماً وَمُمَجَّدا

بيضَ الأَيادي وَالوُجوهِ إِذا غَدا

وَجهُ الزَمانِ مِنَ الحَوادِثِ أَسوَدا

نَكِرَت سُيوفُهُمُ الغُمودَ فَما تَرى

لَهُمُ عَلى ما كانَ سَيفاً مُغمَدا

فَنِصالُهُم بِأَكُفِّهِم مَشحوذَةُ

الشَفَراتِ إِمّا لِلنَدى أَو لِلعِدى

بِهِم أَصولُ عَلى الخُطوبِ إِذا طَغَت

وَبِهِم أُذيلُ مِنَ الزَمانِ إِذا عَدا

بِكَ أَصبَحَت أَيّامُنا مُبيَضَّةً

فينا وَعادَ لي الزَمانُ كَما بَدا

سَلَّ الخَليفَةُ مِن مُضائِكَ صارِماً

عَضباً إِذا نَبَتِ السُيوفُ مُهَنَّدا

فَنَهَضتَ نَهضَةَ حازِمٍ مُتَيَقِّظٍ

راضَ الأُمورَ مُدَرَّباً وَمُعَوَّدا

ثَبَتَت لِبَأسِكَ في القُلوبِ مَهابَةٌ

تَرَكَت مَخافَتُها مَغيبَكَ مَشهَدا

فَإِذا ذُكِرتَ لَدى المُلوكِ بِمَحفَلٍ

خَضَعَت رِقابُهُم لِعِزِّكَ سُجَّدا

جاراكَ قَومٌ في العَلاءِ فَقَصَّرَت

بِهِمُ مَآثِرُهُم وَقَد حُزتَ المَدى

حَسَدوكَ حينَ رَأَوكَ أَمنَعَ جانِباً

وَأَعَزَّ سُلطاناً وَأَكرَمَ مَحتِدا

وَأَجَلَّهُم قَدراً وَأَسمَحَهُم يَداً

وَأَعَمَّهُم فَضلاً وَأوسَعَهُم نَدا

فَتَراجَعوا خُزرَ العُيونِ تَوَدُّهُم

أَلوانُهُم جَعَلوا تُرابَكَ إِثمِدا

حَسبُ المُعادي أَن تَكونَ عَدُوَّهُ

وَكَفى حَسُدَكَ ضَلَّةً أَن يَحسُدا

مَولايَ دونَكَ فَاِستَمِع لي فيكُم

مَدحا كَما نُظِمَ الجُمانُ مُنَضَّدا

أَمسى حَبيساً في بُيوتِكُم فَما

يَغشى لِغَيرِ بَني المُظَفَّرِ مَعهَدا

بِكَ صُنتُ وَجهي أَن يُذالَ وَمائَهُ

مِن أَن يُراقَ حَياؤُهُ فَيُبَدَّدا

وَغَنيتُ أَن أُمسي وَآمالي بِأَبوابِ

اللِئامِ مُدَفَّعاً وَمُرَدَّدا

مِن بَعدِ ما عَرَقَ الزَمانُ بِنابِهِ

عَظمي وَأَرهَفَتِ الخُطوبُ لي المُدى

فَتَمَلَّ عيداً بِالسَعادَةِ عائِداً

وَاِفنِ الدُهورَ مُضَحِيّاً وَمُعَيِّدا

وَاَفى يَقودُ لَكَ العِدى هَدياً فَما

يَرجو لِمَجدِكَ يا أَبا الفَرَجِ الفِدا

لا زِلتَ في ثَوبِ السَعادَةِ رافِلاً

تَنضو وَتَلبَسُ مُبلِياً وَمُجَدِّدا

لَو كانَ يُعبَدُ في الوَرى لِسَماحَةٍ

بَشرٌ لَكُنتَ أَحَقَّهُم أَن تُعبَدا

أَو كانَ يَخلُدُ ماجِد في قَومِهِ

وافي الذِمامِ إِذا لَعِشتَ مُخَلَّدا