نعمت زمانا مع المترفين

نَعِمتُ زَماناً مَعَ المُترِفينَ

وَعِشتُ أَخا ثَروَةٍ موسِرا

وَقَضَّيتُ عُمرَ الهَوى بِالوِصالِ

وَلَيلَ الصِبى بِالدُمى مُقمِرا

طَليقَ العِناقِ خَليعَ العِذارِ

أَهوى الغَزالَ إِذا عَذَّرا

وَلَم أَعصِ في حُكمِها غادَةً

كَعاباً وَلا رَشَأً أَحوَرا

وَيارُبَّ صَفراءَ مَشمولَةٍ

أَهَنتُ لَها العَسجَدَ الأَحمَرا

وَغالَيتُ في اللَهوِ لا نادِماً

لِصَفقَةِ غَبنٍ وَلا مُخسِرا

وَنادَمتُ كُلَّ سَخِيِّ البَنانِ

يُطعِمُ نيرانَهُ العَنبَرا

وَجالَستُ كُلَّ مَنيعِ الحِجابِ

يَفرَقُ مِنهُ أُسودُ الشَرى

رَفيعِ العِمادِ طَويلِ النَجادِ

يَعتَصِبُ التاجَ وَالمِغفَرا

وَزُرتُ الوُلاةَ وَخُضتُ الفَلاةَ

طَوراً ثَواءً وَطَوراً صُرى

وَقُدتُ الجِيادَ تَلوكُ الشَكيمَ

وَالعيسَ خاضِعَةً في البُرى

وَما كُنتُ في لَذَّةٍ وانِياً

وَلا عَن طِلابِ عُلىً مُقصِرا

وَها أَنا مِن بَعدِ طولِ الحَياةِ

وَالخَفضِ صِرتُ إِلى ماتَرى

وَغودِرتُ مُنفَرِداً بِالعَرا

وَقَد قَصَمَ المَوتَ تِلكَ العُرى

كَأَنّي رَأَيتُ زَمانَ الشَبابِ

وَنَضرَةَ عَيشٍ بِهِ في الكَرى

وَما كانَ مَرُّ لَيالي السُلُوِّ

إِلّا كَخَطفَةِ بَرقٍ سَرى

فَقِف بِيَ مُعتَبِراً إِن مَرَرتَ

عَلى جَدَثي وَاِبكِ مُستَعبِرا

وَلا تُخدَعَنَّ بِمُغتَرَّةٍ

حَديثُ مَوَدَّتِها مُفتَرى

وَلا تَركَنَنَّ إِلى ثَروَةٍ

مَقيلُكَ مِن بَعدِها في الثَرى