يا بأبي المختلس المستلب

يا بِأَبي المُختَلَسُ المُستَلَب

عَنَّ لَهُ سَهمُ حِمامٍ غَرَب

وَانتَزَعَتهُ لِلمَنايا يَدٌ

مُغتالَةٌ مِن حُجرِ أُمٍّ وَأَب

أَفديهِ مِن رَيحانَةٍ غَضَّةٍ

عادَ هَشيماً عودُها المُحتَطَب

ياقوتَةٍ أَذهَبَ جَريالَها ال

مَوتُ فَعادَت كَقَضيبِ الذَهَب

كَأَنَّهُ الوَردُ أَتى زائِراً

ثُمَّ اِنقَضَت أَيّامُهُ عَن كَثَب

أَشرَقَ كَالنَجمِ مُضيئاً فَما

مَلَأتُ عَيني مِنهُ حَتّى غَرَب

كَما تَجَلّى البَدرُ مِن دونِهِ

سَحابَةٌ غَرّاءُ ثُمَّ اِحتَجَب

وَيلي عَلَيهِ ما بَلَغتُ المُنى

مِنهُ وَلا قَضَيتُ مِنهُ أَرَب

أَبا عَلِيٍّ فَرَّقَت بَينَنا

دَهياءُ لا يَعطِفُها مِن عَتَب

أَبا عَلِيٍّ فَرَّقَت شَملَنا

حَوادِثُ الدَهرِ وَصَرفُ النُوَب

أَبا عَلِيٍّ كُنتُ أَرجوكَ أَن

تَكشِفَ عَن قَلبِ أَبيكَ الكُرَب

أَبا عَلِيٍّ كُنتَ لي مُؤنِساً

فَخالَسَتني فيكَ أَيدي الرِيَب

غالَبَني فيكَ شَديدُ القُوى

وَالبَطشِ ما غالَبَ إِلّا غَلَب

واطولَ حُزني فيكَ مِن ذاهِبٍ

لَو رَدَّ طولُ الحُزنِ لي ما ذَهَب

يا هاجِراً رَبعِيَ لا عَن رِضى

وَمُعرِضاً عَنِّيَ لا عَن غَضَب

أَبقَيتَ مِن بَعدِكَ لي حَسرَةً

تَفنى اللَيالي دونَها وَالحِقَب

حَسبِيَ فيكَ اللَهُ مِن فارِطٍ

مُدَّخِرٍ لي أَجرُهُ مُحتَسَب

مَوهِبَةٍ جادَ بِها الدَهرُ لي

ثُمَّ سَطا مُرتَجِعاً ما وَهَب

فَقُل لِمُغتَرٍ بِأَيّامِهِ

يَعلَقُ مِنها بِضَعيفِ السَبَب

يا طالِبَ الراحَةِ أَخطَأتَها

مالَكَ مِن دُنياكَ إِلّا التَعَب

أَيُّ دَمٍ ما طاحَ في حُبِّها

وَأَيُّما حَبلٍ لَها ما اِنقَضَب

ما الفَتى مِنها نَصيبٌ إِذا

فَكَّرَ في يَومَيهِ غَيرُ النَصَب

فَهيَ تَوَخّانا بِأَرزائِها

وَالمَوتُ مِن بَعدُ لَنا في الطَلَب