آلهة الزقوم

جئت إليك من هناك

نهاية العام

عام النهايات

الطقسُ والغربان،

ضِيقٌ في نفسي

من كثرة التدخين، عِلّةٌ ما

وحشةٌ، قلقٌ، ألَمٌ دفين

أطاحتْ بي لأطوفَ في أنحاء البلدة المقفرة

وأقطعَ حول تلك الزاوية بالذات

حيثُ لاقاني وجهاً لوجه

قبلَ هبوط الليل:

صديقي

القصّاصُ هوَ بعينهِ

لكنّ شيئاً أفرغَ عينيه من الضياء

صديقي القديمُ الفَكِهُ

هوَ بذاتهِ

لكنّ شيئاً قَلَبَ قَسَماتِهِ

من الداخل

الحواجبُ بيضاء

سوداءُ هي الأسنان

إذا ابتسم (لا فرَحاً) بدا كأنّهُ يبكي

ما وراءَ الحزن

كما في صورةٍ غيرِ مُحَمَّضة

بأقلّ نفخةٍ تنهار

لاقاني وكنّا خارجَين من عاصفةٍ

بدأْت منذُ الأمس

تَجلدُ الجدرانَ بلافتات المطاعم والحوانيت

وتجعلُ أسلاكَ التلغراف

تُوَلولُ حقاً في تلك الساحة الخالية

صرختُ: يا يوسف!

ماذا حدثَ لوجهكَ يا يوسف؟

ماذا فعلوا بعينيكَ يا يوسف؟

ماذا فعلوا بعينيك وحَقَّ الله؟

قال: لا تسألني، أرجوك.

قال: إنّهُ الدمار.

قال جئتُ إليكَ من هناك.

قال: لا أنا. لا. لستُ أنا .

لا أنت.

لا، لستَ أنت.

هُم،

وآلهةُ الزَقّوم.

هُم،

وصاحبُ الموتِ الواقفُ في الباب

اللاجئونَ على الطُرُقات

الأطفال في التوابيت

النساءُ يَندُبنَ في الساحات

أهْلُكَ بخير؟

يُسَلّمونَ عليكَ من المقابر

بغدادُ سُنبُلةٌ تشبّثَ بها الجراد

جئتُ إليكَ من هُناك

إنّهُ الدَمار

قالَ لي

وسارَ مُبتعداً،

واختفى

في كلّ مكان.