أنا الذي

أنا الذي

لا نأمةٌ.

هل مات من كانوا هنا؟

لا كلمةٌ

تَرِدُ اللسان –

الانتظارُ أم الهجوم؟

أم التملّصُ من …

كهذا الصمت

حين أُهيل جمرَ تحفُّزي حتى

يبلّدني التحامُ غرائزي: أرعى كثورٍ في الحقول

أنا نبوخذُ نُصَّر –

تُلقي الفصولُ إليَّ

أعشاباً ملوَّثةً، وأُلقي النردَ

في بئر الفصول –

لأجتلي سرّاً

يعذّبني؟

يعذبني طوال الليل. حتى صيحة

الديك الذبيح.

لأجتلي سرّاً.

وأسمعَ ضجّةَ الأكوانِ؟

(إنهُ مأتمُ

قالوا لنا: عُرْسٌ)

جيوشُ الهمّ تسحبني

بسلسلةٍ

ويستلمُ الزمانُ أعنّةَ الحوذيّ –

تسبقنا الظلالُ.

وراءنا:

كلُّ الذينَ، وكلُّ مّنْ

“طال الزمن”، قال الرجل.

شمسٌ على هذا

المشمّع فوق مائدتي:

نهارٌ لا يضاهيه نهار. كوجه الله

تبقى تحت عينيّ انعكاستها، وتخرقني

الى قاعي كرمْحٍ –

إنها شمسي.

وملأى غرفتي، بيتي، كقارب رَعْ

تسافرُ في المتاهة

بالهدايا.

شمسٌ على صحني

وصحني، في الحقيقة، فارغٌ:

حبّات زيتونٍ، بقايا قنّبيطٍ، عظمةٌ…

ما زاد عن مطلوبنا.

تلك البقايا..

نُتفةٌ في كل يومٍ، قشرةٌ

نلقي بها في لُجة التيار – يبقى الصحنُ.

والسّكين. تبقى شوكةُ

أبقى. وجوعي، تُخمتي.

*

الشمسُ أو ليمونةٌ

تطفو على وجه الغدير المكتسي

بطحالبٍ ألقي الى أكداسها حجراً

فتخفقُ، مرةً، وتُبقْبِقُ الأغوارُ

فقّاعاتُ أوهامٍ مبّددةٍ

رغابٌ لم تجسدها الوقائعُ

جمجَماتٌ لا محلّ لها من الإعراب

أطماعٌ. دهاليزٌ. وعود بالعدالة؟

(بالسعادة!)

رغوةُ الكلمات في بالوعة المعنى

تواريخٌ

وثمّةُ من يُفبركها، ويشطبنا بممحاةٍ –

لنبقى.

قال الرجل: “فاتَ الأمل.

زادَ الألم”

شدّوا الضحيّة بين أربعةٍ

من الأفراسِ

جامحةٍ.

جنودٌ يسكرون. جنازةٌ عبرت وراء

التل. هل جاء البرابرةُ القدامى

من وراء البحر؟

هل جاؤوا؟

وحتى لو بنينا سورنا الصينيّ، سوف يقال: جاؤوا.

إنهم منّا، وفينا. جاء آخَرُنا

ليُضحكنا، ويُبكينا..

ويبني حولنا سوراً من الأرزاء. لكن، سوف نبقى.

هناك، في بلاد باتاغونيا، ريحٌ

يسمّونها “مكنسة الله”

ريحٌ

أريدُ لها الهبوبَ، على مدار

الشرق، في أسماله الزهراء

والغرب المدجّج بالرفاه: أريد أن أختارها

لتكون لي

أن أستضيف جنونها

إذ تكنس الأيام والأسماء

تكنس وجه عالمنا كمزبلةٍ

لتنكشف التجاعيدُ العميقة تحت

أكداسٍ من الأصباغ

والدم، والجرائمِ

والليالي.

أقْبلي، يا ريحُ.

مكنسةَ الإلهِ، تَقدّمي.

قال الرجل. قال الرجل

لا ترمِ في مستنقعٍ حجراً

ولا تطرق على بابٍ فلا أحدٌ

وراءه غيرُ هذا

الميّت الحيّ الموزع بينَ بينٍ في أناهُ، بلا أنا

يأتي الصدى:

هل مات.

من كانوا.

هنا.

*

جاء الواحدُ الذي يقولُ، والآخر الذي يصمتُ.

الذي يمضي، والآتي من هناك.

بينهما

كلمةٌ، أو نأمةٌ.

بينهما أنهارٌ من الدم جرتْ، فيالقٌ تسبقها الطبولُ.

ولم يستيقظ أحد.

بينهما صيحةٌ الجنين على سنّ الرمح

في يد أول جنديٍّ أعماهُ السُّكْر

يخسفُ بابَ البيت.

بينهما مستفعلنٌ، أو ربّما متفاعلنٌ؟

لا

ليس بينهما سوايَ :

أنا الذي.