أما آن أن يعفى عن المهج الحرى

أما آن أن يعفى عن المُهَج الحرَّى

ويشفي الذي أشفى ويرفق بالأسرى

ويجزي علينا فالق الحب والنوى

من الحب بيتاً تملكين له شطرا

تطاول يا ليلى نهاري ولم يكن

بأطول من ليلي الذي فقد الفجرا

وضاعف ضعفي من خمارك ظالمٌ

يبعّد عن عيني الغزالة والبدرا

لقد صرف الهجران عن وطني الصفا

وأسكن فيه الهم والغم والضرا

فما لك لا سرّاً ترين زياتي

ولا لنَكيدَ الكاشحين بها جهرا

تلافي تلافي بالوصال وخالفي

عواذلنا الأنذال واغتنمي الأجرا

أَتهدَم أبياتي ومثلك جارها

وتكتب يا ليلى ولا أحدٌ يقرا

ألا حكمٌ حرٌّ يصالح بيننا

بساعة وصل تبعدين بها الهجرا

ويصرف عني جور حاجبك الذي

على تلف العشاق قد غمز الخصرا

تمنطق ذاك الخصر خاتم خنصري

وطوقني ما ذاب من كبدي الحرّى

أكان حبيبي أم مذيبيَ أم قضى

سوادُ نصيبي أن أذوب به قهرا

حنانيك يا ليلى زيارة ليلةٍ

تخولني النعمى وتسلبني الضرا

فيبسم إقبالي كما ابتسم الصفا

وأقبل مسروراً بمدحت مفترّا

مدبر ملك قربت يده الغنى

لنا ونفت عنا التولُّهَ والفقرا

فكم نزعت ضرّاً وكم صرعت رياً

وكم زرعت خيراً وكم قلعت شرا

أتى وبلاد الشام شائكة الربى

فغادر شوكاً كان يكنفها زهرا

وزحزح عنها روعها وشقاءها

ومد عليها من مراحمه سترا

ورد عليها كل ما كان دارساً

من اليسر حتى لم تعد تعرف العسرا

وشيد فيها للعلوم مدارساً

أمات شذاهن الجهالة والخترا

فلم نر فيها بعد ذلك جاهلاً

يُغَش ولا خبّاً يَغِش ولا غمرا

فللَه ما أولى وللَه ما حبا

وللَه ما أنشا وللَه ما أجرى

عرفت جميع الناس حين عرفته

وخضت ببحر من سماحته البحرا

ولم يك تمداحي لمدحت والذي

براه سوى الفرض الذي رفض الكفرا

فلا برح الدر المعظم ظافراً

بأوفر حمدٍ دائمٍ يشرح الصدرا