مضت وفي قلبها من غلبها غصص

مَضَت وفي قَلبِها مِن غَلبها غُصَصٌ

ما بَينَ مُضطَربٍ أَمسَى وَمُلتَهِبِ

وَناصِعُ الجِسمِ دامٍ كادَ يُلبسُهُ

ثَوبَ السَّوَادِ اشتِدادُ الغَيظِ والكَرَبِ

فَبادَرَتها تُجاري الرِّيحَ طائِرَةً

إِيرِيسُ تَدفَعُها عَن مَضرَبِ القُضُبِ

إِذا بآريسَ يُسرى القَومِ تَحجُبُهُ

وَالرُّمحَ والخَيلَ أَركامٌ مِنَ السُّحُبِ

أَحنَت على رُكبَتَيهِ تَبتَغي عَجَلاً

خَيلاً لَهُ مُلجَماتٍ خالِصً الذَّهَبِ

قالَت أُخَيِّ أَعِرنِيها لِتَذهَبَ بي

لِمَرتَعِ الخُلدِ إِنَّ الجُرحَ بَرَّحَ بي

أَنالَنِيهِ ابنُ إِنسِيٍّ أَخُو قِحَةِ

لا يَنثَني جَزَعاً حَتَّى لِزَفسَ أَبي

فقالَ دُونَكِ أَفراسي وَمَركَبَتي

حَلَّت بِها بِفُؤَادٍ خارَ مُكتَئبِ

وإيرِسٌ وُصُروعُ الخَيلِ في يَدِها

تَستَاقُها وَهيَ أَجرى مِن سَنَا الشُّهُبِ

حَتَّى إِذا لِذُرَى شُمِّ الأُلمِبِ علَت

فاستَوقَفَتها وحَلَّتها مِنَ القَتَبِ

وَبادَرَتها بِقُوتِ الخُلدِ وانطَلَقت

لأُمِّها قِبرسٌ تَحنُو عَلى الرُّكَبِ

هَشَّت لَها واستَضَمَّتها لِمُهجَتِها

ذِيُونَةٌ تَستَقِصُّ الأَمرَ بالعَجَبِ

وأيُّ رَبٍّ كما لَو كُنتِ جانِيَةً

جَنَى عَلَيكِ كَما أَلقَاكِ أَيُّ غَبي

قَالت فَما كَان رَبًّا جَلَّ بَشَراً

ذاك ابنُ تيذِيُسٍ مُستَمطِرُ النُّوَبِ

لأَنِّني آنياسٌ رُمتُ نَجوَتَهُ

أَعَزُّ ما لي بأَهلِ الأَرضِ مِن نَسَبِ

فالدَّانَوِيُّونَ بالطُّروادِ ما اجتَزأُ وا

حَتَّى إِلَينا انثَنَوا بِالبِيضِ والشُّهُبِ

قالت ذِيُونةُ صبراً كم لَنا مَثَلٌ

بِالنَّاسِ يَبلُونَ أَهلَ الخُلدِ بالنَّصَبِ

فَإِسوَةٌ لَكِ آِريسٌ وَهَيبَتُهُ

عَاماً وَشهراً ثَوى في السِّجنِ لم يُهَبِ

أَلقاهُ فيهِ ابنُ أَلوِيسٍ أُتُوسُ كذا

أَخوهُ إِفيَلطُسٌ بالُّلِّ والحَربِ

وَكَبَّلاَهُ بأَغلالِ الحَديدِ وَما

أَجدَاهُ مِن غَضَبٍ يَشتَدُّ أو صَخَبِ

وكادَ يَهلِكُ لَو لَم تُنمِ مَخبَرَهُ

إِيريبُ إِذ صانَهُ هِرميسُ بالحُجُبِ

وهيرَةٌ فَابنُ أَمفِترونَ أَلَّمَها

بِشَرِّ سَهمٍ بأَعلى الثَّدي مُنتَشِبِ

وَنَفسُ آذِيسَ ذَاكَ القَرمُ أَورَثَهُ

عَمداً فَنُكِّصَ مُلتَاعاً علَى العَقِبِ

فَاَمَّ صَرحَ أَبي الأَربابِ زَفسَ أَخا

بُؤسٍ بِنَبلٍ بِعَظمِ الكَتفِ مُنتصِبِ

فَذَرَّ بَلسَمَهُ فِيُّونُ يُبرِئُهُ

مُذ كانَ من خالدِي الأَدهارِ والحِقَبِ

فَيا لِوَيلِ بَنِي الإنسَانِ إِن حَمَلُوا

عَلى بَنِي الخُلدِ عَن حُمقٍ وَعَن غَضَبِ

فالاسُ أَغرَت ذِيُومِيذاً عَلَيكِ وَلَم

يَعلَم لصُنعِ يَدَيهِ أَيَّ مُنقَلَبِ

لَم يَدرِ أَنَّ على الأَربابِ مَن كَسَبَت

يَداهُ شَراًّ إِلى الأَوطَانِ لَم يَؤُبِ

فَلا يَهُشُّ لَهُ مِن فَوقِ رُكبَتِهِ

طِفلٌ يَقُولُ بِلُطفٍ يا أًبي أَجِبِ

فَليَخشَ بَطشَ أَخِي باسٍ أَشَدَّ قُوىً

وَصَولَةً مِنكِ يَستَقرِيهِ بالطَّلَبِ

وَليَفكِرَنَّ بِأَغيَالا حَليلَتِهِ

ذَاتِ الجَمَالِ وَذَاتِ العَقلِ وَالحَسَبِ

وَسنَى تُؤَرِّقُها الرُّؤيا فَتُقلِقَها

فَتَستفَيقَ بِقَلبٍ رِيعَ مُضطِربِ

مِن ثَمَّ تُوقِظُ في لَهفٍ جَوَارِيَها

وَينتَحِبنَ بِدَمعٍ فاضَ مُنسَكِبِ

وَطَهَّرَت بِيَدَيهَا الجُرحَ فَانفَرَجت

آلامُها وَاستَكَنَّت ثِقلَةُ الوَصَبِ

لكِن آَثِينا وَهيرا مُذ تَعَمَّدَتا

إِغضابَ زَفسٍ لِما في النَّفسِ مِن أَرَبِ

قالت أثِينا أَبي هَل لا يُسوءُك أَن

أَقُولَ ما كانَ في ذا الجُرحِ مِن سَبَبِ

لا شَكَّ قِبريسُ رامَت دَفعَ غانِيَةٍ

وَجدَّ الصَبٍّ مِنَ الطُّروَادِ ذِي نَشَبِ

فَأُنشِبَت بِعُرَى الإِبرِيزِ راحَتُها

فَمَزَّقَتها فَرامَت نِحلَة الكذِبِ

أَصاخَ يَبسِمُ وَاستَدعى الجرِيحَ على

رِفقٍ وَقالَ لَها يا مُنيَتِي احتَسبِي

دَعي لآرِس وَآثِينا الحُرُوبَ وَلا

تُعنَي بِغَيرِ لَذِيذِ الحُبِّ والطَّرَبِ