يا خفي اللطف

كلّما أجلبَ بالصمتِ الهَزِيعْ

جاءَني الشوقُ بما لا أستطيعْ

سائقَ الأظعانِ والريحُ شجىً

والمدى نايٌ لهُ لحنٌ مُرِيْعْ

فوقَ هذي العيسِ طَرْفٌ ناعِسٌ

وأسيلٌ ناعمٌٌ حاكَىْ الربيعْ

وحبيبٌ ضامِرُ الغُصنِ إذا

مالَ ضِحْكاً قلتَ سبحانَ البديعْ

لا تخلفني وحيداً بعدَهُمْ

خُذْ فؤاديْ كُلُّ نبْضاتيْ شفيعْ

إيهِ ما للقلبِ في ْ تِيْهِ الهوى

كلما ناداهُ داعٍ لا يطيعْ

أوشكَ العمرُ به ما قد قضى

قومُ موسى حينما تاه الجميعْ

يا خَفِيَّ اللُّطْفِ أدركْ غُربتيْ

أوشكّتْ نفسيَ من نفسيْ تضيعْ

وخطايايَ ارتماءٌ مُخْبِـتٌ

في مصلى الروحِ تشدو “يا سميعْ”

إن تُعامِلْنا بعَدْلٍ مُنْصِفاً

لَهَوى قبلَ المسيئينَ المُطيعْ

فأَعِذْ قلبيَ إنّيْ قاربٌ

ثَقَبَ الأمنَ بهِ سوءُ الصنيْعْ

مُمْطِرٌ بُعْدي وإثْميْ قارسٌ

والهوى ذئبٌ وأحلامي قطيعْ

فاملأنْ بالحبِّ قلباً تائهاً

لم يزلْ بالوهمِ يَسقيْ كلَّ رِيْعْ

مُطْرِقٌ في هَيْبةِ المُلْكِ وفي

عينِهِ إشفاقةُ العبدِ الوضيع

ذائبٌ يأملُ ألا يلتقي

أنبياءَ اللهِ بالذنب الشنيعْ

زكّهِ واغرِسْ بجنبيهِ رضىً

كالرضى الساكنِ في رمْلِ البقيعْ

كُنْ لهٌ مِنْهُ وصِلْهُ واحْمِهِ

فهو في قبضةِ دنياهُ الصريعْ

خُذْهُ من شأنَ بِهِ اليأسُ طفى

فوقَ كَتْفيهِ إلى شأنٍ رفيعْ

إنْ يكُنْ طِينُ الخطايا لمّهُ

وسقاهُ الحزنُ كأساً من ضَرِيع

روحُهُ قِنديلُ نورٍ لو سَرى

بضياها الليلُ ليلاً لن يَضيعْ