أراعك بالبين الخليط المهجر

أَراعَكَ بِالبَينِ الخَليطُ المُهَجِّرُ

وَلَم يَكُ عَن بَينِ الأَحِبَّةِ عُنصُرُ

إِذا اِغتَرَّهُ بَينُ الجَميعِ فَلَم تَكُن

لَهُ فَزعَةٌ إِلاّ الهَوادِجُ تُخدَرُ

تَرَدَّينَ أَنماطاً وَرَيطاً كَأَنَّهُ

نَجيعُ ضَرا فَوقَ المَراسيلِ أَحمَرُ

فَهَل يُعذَرَن ذو شَيبَةٍ بِصَبابَةٍ

وَهَل يُحمَدَن بِالصَبرِ إِن كانَ يَصبِرُ

تُكَلِفُني عَيناً فُؤَادي وَحَبلُها

إِذا خَشِيَت مِنكَ الرَزِيَّةَ أَبتَرُ

وَقَد عَلِمَت أَن قَد أَصابَ سِهامُها

وَأَقصَدَني مِنها الَّذي كُنتُ أَحذَرُ

أَلَم تَعلَمَي أَن لا تَدَومَ خَليقَتي

وَلا أَطلُبُ الوِدَّ الَّذي هو مُدبِرُ

وَإِنّي إِذا فارَقتُ عَن خُلُقٍ أَخاً

أَدومُ عَلى عَهدي وَلا أَتَغَيَّرُ

لَعَمرُكَ ما قَومي عَلى داءٍ بَينِهِم

إِذا عَصَفَت بِالحَيِّ نَكباءُ صَرصَرُ

إِذا الحَيُّ حَلّوا كابِيَ النَبتِ لا يُرى

بِهِ لَونُ عودٍ يَرجِعُ الطَرفَ أَخضَرُ

إِذا الشَولُ راحَت وَهيَ حُدبٌ ظُهورُها

وَكانَ قِرى الأَضيافِ عيصٌ وَمَيسِرُ

فَما يَسأَمُ الجارُ الغَريبُ مَحلَّنا

وَلا يَحتَوينا الطارِقُ المُتَنَوِّرُ

وَذلِكَ إِن لَم يَسعَ بِالسوءِ بَينَنا

سَفيهٌ وَلا بِالجَهلِ كَلبٌ مُوَشَّرُ

وَإِذ تَعطِفُ الأَرحامُ وَالوُدُّ بَينَنا

فَنَعفو عَنِ الذَنبِ العَظيمِ وَنَغفِرُ

فَقَد نِكدَت بَعدَ العَداوَةِ بَينَنا

وَقَد جَعَلَت فينا الضَغائِنُ تَكثُرُ

تُقاطِعُ أَرحامٍ وَحَينٌ وَشِقوَةٌ

وَمِن عَثَراتِ الجَدِّ وَالجَدُّ يَعثُرُ

وَتوكِلُ أَعراضٌ تَحينَ كَأَنَّها

مِنَ الزَرعِ مَيسورٌ يُصاعُ فَيَحضُرُ

وَكُنا بَني عَمٍّ فَأَجرى غُواتُنا

إِلى غايةٍ مِن مِثلِها كُنتَ أسخَرُ

فَأصبَحَ باقي وَدِّنا نَلتَقي بِهِ

إِذا ما اِلتَقَينا رَهطَ كِسرى وَحِميَرُ

وَقُلتُ لِقَومي كُلِّهِم إِذ جَريتُمُ

إِلى شَرِّ ما يَجري إِلَيه فَأَقصِروا

وَكَوني كَآسي شَجَّةٍ يَستَغيثُها

وَما تَحتَها ساسٌ مِنَ العَظمِ أَصفَرُ

إِذا قُلتُ يَعفو داءُ قَومي تَحدَّبوا

بِجِنِّيَّةٍ كادَت عَنِ العَظمِ تَخزِرُ

يَشينُ بِها الأَعراضَ عَضبانُ شاعِرٌ

يَطيشُ قَوافي المُفحَمينَ وَيَنفِرُ

كَأَنَّ كَلامَ الناسِ جُمِّعَ عِندَهُ

فَيَأخُذُ مِن أَطرافِهِ يَتَحَبَّرُ

فَلَم يَرضَ إِلاّ كُلِّ بِكرٍ ثَقيلَةٍ

تَكادُ بِآنٍ مِن دَمِ الجَوفِ تَقطُرُ