بحر البسيط

قَد أَسمَعتَنا غِناءً لا خَلاقَ بِهِ كَما تُعَرَّكُ آذانَ السَنانيرِ حَتّى إِذا إِرتَفَعَت في الصَوتِ لا إِرتَفَعَت

أَبدى الرَبيعُ لَنا مِن حُسنِ صَنعَتِهِ شَبائِهَ اِتَّفَقَت في الشَكلِ وَالصُوَرِ خُضرٌ ظَواهِرُها بيضٌ بَطائِنُها

صَرَفتُ وُدّي إِلى السودانِ مِن هَجرِ وَما اِلتَفَتُّ إِلى رومٍ وَلا خَزَرِ أَصبَحتُ أَعشَقُ مِن وَجهٍ وَمِن بَدَنٍ

قَد كُنتُ أَحذَرُ ما أَلقاهُ مِن نَكَدٍ لَو كانَ يَنفَعُني في مِثلِهِ الحَذَرُ يا نَفسُ صَبراً عَلى ما كانَ مِن ضَرَرٍ

خَيرُ الوَرى لِخِيارِ الناسِ كُلِّهُمُ وَشَرُّهُم لِشِرارِ الناسِ سَوّارُ مُنَبَّهُ الذِكرِ مَعلومٌ طَرائِقُهُ

قَد نِلتَ بِالرَأيِ وَالتَميِيزِ مَنزِلَةً ما نالَها أَخَواكَ البَحرُ وَالمَطَرُ وَبِالتَكَرُّمِ وَالأَفضالِ مَرتَبَةً

إِنجازُ وَعدِكَ في السِكّينِ مَكرُمَةٌ غَرّاءُ فَضلُكَ فيها غَيرُ مَجحودِ أَحسِن بِهِ أَزرَقاً في أَبيَضٍ يَقَقٍ

عَهدٌ تَوَلَّت بِهِ الأَيّامُ وَاِنجَرَدَت بِحُسنِهِ وَلَعاتُ البَينِ فَاِنجَرَدا غَدا لَهُ المُزنُ مَنهَلاً بَوادِرُهُ

وَالغَيمُ تَأخُذُهُ ريحٌ فَتَنفُشُهُ كَالقُطنِ يَندُفُ مِن زُرقِ الدَبابيجِ وَقَهوَةٌ مِن يَدِ المَغنوجِ صافِيَةً

وَمَيِّتٌ لا يَكادُ المَرءُ يَدفُنُهُ إِلّا إِذا عادَ حَيّاً بَعدَ ما ماتا وَمَيِّتٌ غَيَّبوا في الأَرضِ جُثَّتَهُ