بحر الطويل

أَلا إِنَّ فَوزاً أَفسَدَتني عَلى أَهلي وَقَد كُنتُ مِن فَوزٍ عَنِ الناسِ في شُغلِ وَما لي عَدُوٌّ غَيرَ قَلبي فَإِنَّهُ

أَلا رَجُلٌ يَبكي لِشَجوِ أَبي الفَضلِ بِعَبرَةِ عَينٍ دَمعُها واكِفُ السَجلِ كَفى حُزناً أَنّي وَفَوزاً بِبَلدَةٍ

لَقَد كَلِفت نَفسي مِنَ الناسِ بِالَّذي يَرى الهَجرَ فُرقاناً فَلَيسَ يُفارِقُه فَكَيفَ بِمَن لا وَصلَ أَرجوهُ عَندَهُ

أَضِنُّ عَن الدُنيا بِطَرفي وَطَرفِها فَهَل بَعدَ هَذا مِن مَقالٍ لِمُشفِقِ أَلا لَيتَنا نَعمى إِذا حيلَ بَينَنا

يَقولونَ لَو أَلهَمتَ قَلبَكَ غَيرَها سَلَوتَ وَلا شَيءٌ سِواها يُوافِقُه وَلَو كُنتُ مِمَّن يَمذُقُ الحُبَّ كاذِباً

جَسَرتُ عَلى بابِ الهَوى فَدَخَلتُهُ فَقَد جاءَني مِنهُ الَّذي كُنتُ أَفرَقُ فَما ذاقَ طَعمُ المَوتِ في كَأسِ لَذَّةٍ

أَزارَ أَبا الفَضلِ الخَيالُ المُؤَرِّقُ لِفَوزٍ نَعَم وَالطَيفُ مِمّا يُشَوِّقُ تَنامُ عُيونُ الكاشِحينَ قَريرَةً

كَذَبتُ عَلى نَفسي فَحَدَّثتُ أَنَّني سَلَوتُ لِكَيما يُنكِروا حينَ أَصدُقُ وَما عَن قِلىً مِنّي وَلا عَن مَلالَةٍ

تَسَلَّيتُمُ عَني وَلَم أَسلُ عَنكُمُ وَلا عاقَني يا مُنيَتي عَنكَ عائِقُ وَكَيفَ سُلُوّي عَنكَ يا مَن بِكَفِّهِ

غَداً يُنكِرُ القَومُ الَّذينَ تَخَلَّفوا مُقامي وَلَولا أَنتِ لَم أَتَخَلَّفِ لَقَد عَرَّضَتني لِلظُنونِ صَبابَتي