بحر الطويل

أَبا غانِمٍ فيمَ اِحتِشامُكَ عِندَنا وَكِتمانُكَ الداءَ الَّذي أَنتَ صاحِبُه فَلَستَ مَلوماً أَن تُناكَ لِلَذَّةٍ

أَيا مُظهِرَ الهِجرانِ وَالمُضمِرَ الحُبّا سَتَزدادُ حُبّاً إِن أَتَيتَهُمُ غِبّا لَنا جارَةٌ بِالمِصرِ تُضحي كَأَنَّها

أَلَم تَعلَمي يا عَلوُ أَنّي مُعَذَّبُ بِحُبِّكُمُ وَالحَينَ لِلمَرءِ يُجلَبُ وَقَد كُنتُ أَبكيكُم وَأَنتُم بِيَثرِبٍ

أَلا أَسعِديني بِالدُموعِ السَواكِبِ عَلى الوَجدِ مِن صَرمِ الحَبيبِ المُغاضِبِ وَسُحّي دُموعاً هامِلاتٍ كَأَنَّما

أَتاني بِما لاقى رَسولي وَلَم يَكَد يُبَيِّنُهُ مِن عَبرَةٍ وَنَحيبِ فَأَبكَيتُ وَاِستَبكَيتُ مَن كانَ حاضِري

أَحينَ دَنا مَن كُنتُ أَرجو دُنُوَّةُ رَمَتني صُروفُ الدَهرِ مِن كُلِّ جانِبِ فَأَصبَحتُ مَرحوماً وَكُنتُ مُحَسَّداً

عَرَضتُ عَلَيها ما تَمَنّى مِنَ المُنى لَتَرضى فَقالَت قُم فَجِئني بِكَوكَبِ فَقُلتُ لَها هَذا التَعَنُّتُ كُلُّهُ

وَراءَكَ عَنّي يا عَذولَ الأَشايِبِ بِكُلفَةِ عَذلٍ بَعدَ شَيبِ الذَوائِبِ أَلَم تَعلَمي أَن لَيسَ في الأَرضِ مَرأَةٌ

وَمَجرٍ عَلى الأَوتارِ صَوتاً يُجاوِبُه مُعَقرَبَةٌ أَصداغُهُ وَذَوائِبُه إِذا رَيَّحَتهُ الراحُ لاحَ بِعارِضٍ

تَخَلَّ مِنَ الأَطماعِ إِمّا تَخَلَّتِ وَوَلِّ صُروفَ الدَهرِ ما قَد تَوَلَّتِ لَقَد كانَ لي فيما تَطَوَّلَ جَعفَرٌ