بحر الطويل

بَكَيتُ دَماً مِن فَرطِ هِجرانِ فاتِنِي وَمِن كَونِهِ مِنِّي يَفِرُّ وَيَأنفُ وَلَيسَ رُعافُ المَرءِ مِن غَيرِ أَنفِهِ

بِقَلب الشّجى نارُ الغَرامِ تَلهّبَت فَأَبدَت دُخاناً قَد عَلا مِن جِنانِهِ وَإِنّي شَرِبتُ التّبغَ قَصداً لِيَختَفي

عَلى خَدّهِ الخيلانِ مِنها ثَلاثَة كَمِثلِ الثريّا فَأُخرى فَثِنتانِ وَإِذ شَقق الخدّينِ قَد كانَ مُهملاً

فَلا تَطلُبوا غَيرَ الحَبيبِ بِقتلَتي فَمِن جَفنِهِ سَهماً رَماني مِنَ الهدبِ رَأَيت بِعَيني وَقعَهُ في الحَشا كَما

بَكَيتُ دَماً أَحرَقَ العشبَ في الفَلا بِحينِ وَداعي من أَثارَ شُجوني وَلا بدعَ نارُ البَينِ في القَلبِ أَضرمت

رَمَى كَبِدي الحَرَّى بِنَبلِ جُفونِهِ فَذابَ كَمِثلِ المَاءِ في كَبِدي الحَرّى تَصاعَدَ مِنها لِلعُيونِ لَطِيفه

تَكامَلَ في كلِّ المَحاسِنِ وَاِزدَهى وَبي دَعج في عَينِهِ وَاِحورارُ فَلا عَيبَ فيهِ غَيرَ أَنّ جفونَه

وَمُذ زارَني في اللّيلِ وَالحسن ضَوؤهُ فَلاقَيتُهُ وَالعقلُ منِّيَ ضاعا جَعَلتُ لَهُ قَلبي وَطرفي منازِلاً

أَمَولايَ بَحر العِلمِ مِن غَيرِ ساحِل وَمَن هوَ في كلِّ الفنونِ عَجيب أَعاذَكَ ربّي اللَّه مِن كلِّ آفَةٍ

وَإِنّي لَحَيٌّ إِن شَهدت جَمالَهُ فَإِنّ شهودَ الحِبِّ نِصفُ الحياةِ وَمَيتٌ إِذا قَد غابَ عَنّي جَماله