بحر الطويل

أَرى أَعيُنَ الأَعداءِ قَد فَطَنَت بِنا رَأَوا حُسنَ سوءِ الظَنِّ مَن كانَ ذا أُنسِ وَإِن تَمنَعوا مِن صورَةِ الجِسمِ صورَةً

لَعَلَّكَ يا مَكتومُ أَن تَعرِفَ الناسا فَتَهلِكَ مِن بَعدي هُموماً وَوَسواسا وَيَومَ خَلَطتَ الهَجرَ لي مِنكَ بِالرِضى

ظَلَلتُ بِحُزنٍ إِن بَدا البَرقُ غُدوَةً كَما رَفَعَ النارَ البَصيرَةَ قابِسُ إِذا اِستَعجَلَتهُ الريحُ حَلَّت نِطاقَهُ

أَلَم تَرَ أَنَّ الدَهرَ قَطَّعَني حَزّا وَأَصحَبَني ذُلّاً وَأَثكَلَني عِزّا أَلا رُبَّ وَجهٍ في الثَرى كانَ عابِساً

أَبا حَسَنٍ ثَبَتَّ في الأَمرِ وَطأَةً وَأَدرَكتَني في المُعضِلاتِ الهَزاهِزِ وَأَلبَستَني دِرعاً عَلَيَّ حَصينَةً

سَكَنتُكِ يا دُنيا بِرُغمِيَ مُكرَهاً وَما كانَ لي في ذاكَ صُنعٌ وَلا أَمرُ وَجَرَّبتُ حَتّى قَد قَلَبتُكِ خِبرَةً

سَأَكتُمُ حاجاتي عَنِ الناسِ كُلَّهُم وَلَكِنَّها لِلَّهِ تَبدو وَتَظهَرُ لِمَن لا يَرُدُّ السائِلينَ بِخَيبَةٍ

وَغَرسٍ مِنَ الأَحبابِ غَيَّبتُ في الثَرى وَسَقَّتهُ أَجفاني بِسَحٍّ وَقاطِرِ فَأَثمَرَ هَمّاً لا يَبيدُ وَحَسرَةً

عُيونٌ كَساها الغَيثُ ثَوباً مِنَ الهَوى فَأَجفانُها بيضٌ وَأَحداقُها حُمرُ إِذا شَمَّها المُشتاقُ خالَ نَسيمَها

وَظاهِرَةٍ في نِصفِ شَهرٍ لِمَن يَرى وَلَكِنَّها مَكتومَةٌ آخَرَ الشَهرِ تَداخَلُ في لَيلِ المِحاقِ بِمِثلِهِ