أعيدوني لأيامي

يقولون لي (في مغرب العُمرِ) لا تهِنْ

فأنتَ أخو علمٍ بلوتَ اللياليا

وإلاَّ فما معنى الليالي التي خلتْ

وكيف تعودُ اليومَ منهنَّ خاليا

فقلتُ: خُذُوا علمي وكلَّ تجاربي

بيوم أرى فيه زمانَ شبابِيا

هل العيشُ إلا أنْ تعيشَ مع الصِّبا

فتيّاً، وأنْ تحيا حياتكَ خاليا

وأنَّ رفيق العمر تَسبيكَ روحُهُ

ولم أرَ مثلَ الروحِ كأساً وساقيا

فما هذه الدنيا، وقد جنحتْ بنا

سفائنُها، والدهرُ يصْخبُ عاليا؟

وما قيمةُ الأيامِ إنْ جفَّ ماؤُها!

وصوَّح غُصْنٌ كان ريَّانَ ناديا؟

تُغنّي عليه ساجعاتٌ هواتفٌ

فيُوقظْنَ فَرْخاً كان بالأمس غافيا

مضى كلُّ هذا واستباحتْ يدُ البِلى

صَباحةَ أيامي فعُدْن لياليا

وشابتْ مواجيدي وقلبيَ لم يزلْ

به خفقاتُ الواجِدين كما هيا

عزيزٌ على نفْسي حُطامُ مباهجي

ثقيلٌ عليها أنْ تجِفَّ حياتيا

وأنْ تُقْفرَ الأيامُ حول خواطري

فأحيا زماناً ليس فيه زمانيا

جديباً ولم تقحط من الوجد عَيْبتي

غريباً، ولم أبرح بأرضي مكانيا

ألا إنّما العيشُ الشبابُ فليتني

إذا ما مضى عهدُ الشبابِ مضى بيا!

أعيدوني لأيـامـــي

ورُدُّوا بـعـض أحلامي

فحَسْبي أنْ أعيش اليومَ

في أطلال أوهامي

وأنْ يتمَثَّل الماضي

أمامي مرةً أخرى

يطالعُني بأيامي

فتسْخنُ عينيَ العَبْرى

وأرسلُ دمعَ أنغامي

على نبضات آلامي

فيلْمسُ جُرْحيَ الدَّامي

أعيدُوني لأَيَّامي