نرجوك يا رباه فارحم قاسما

طَعْمُ القَصَائدِ صَارَ مُرَّاً عَلْقَمَا

لَوْنُ القَصِيْدِ غَدَا بِحَقٍّ مُعْتِمَا

كَانَ الوَقُوْرَ وَكَانَ صَاحِبَ حِكْمَةٍ

وَتَرَاهُ في كُلِّ المَسَائِلِ مُلْهَمَا

كَانَ المُوَفَّقَ دَائِمَاً في حُكْمِهِ

مَا خَانَهُ التَّوْفِيْقُ فِيْمَا أَبْرَمَا

يَزِنُ الْكَلامَ بِفِطْنَةٍ وَرَزَانَةٍ

وَالْكُلُّ يُنْصِتُ إِنْ بَدَا مُتَكَلِّمَا

كَانَ الوَصُوْلَ لأَهْلِهِ.. جِيْرَانِهِ

وَلِكُلِّ مَنْ قَدْ مَرَّ.. أَوْ قَدْ سَلَّمَا

وَيَهَشُّ في وَجْهِ الجَمِيْعِ فَلَمْ تَكُنْ

تَلْقَاهُ إِلاَّ ضَاحِكَاً مُتَبَسِّمَا

إِنْ زُرْتَهُ تَلْقَ الْحَفَاوَةَ كَلَّهَا

قَدْ كَانَ لِلضِّيْفَانِ دَوْمَاً مُكْرِمَا

وَجَوَادُهُ في الخَيْرِ مُنْطَلِقَ الخُطَى

وَجَوَادُهُ في الشَرِّ كَانَ مُلَجَّمَا

كَانَ المَلاذَ لِكُلِّ طَالِبِ حَاجَةٍ

لاَ .. لَيْسَ يُوْجَدُ مِثْلُهُ .. أَوْ قَلَّمَا

وَتَرَاهُ عَنْ كُلِّ الصَّغَائِرِ عَالِيَاً

وَبِكُلِّ أَنْوَاعِ الفَضَائِلِ مُغْرَمَا

قَدْ كَانَ نِعْمَ المُسْتَشَارُ وَنَاصِحَاً

قَدْ كَانَ عِنْدَ المُعْضِلاتِ الأَحْزَمَا

قَدْ كَانَ نِعْمَ الجَارُ أَشْهَدُ أَنَّهُ

قَدْ كَانَ في الفِعْلِ الجَمِيْلِ مُقَدَّمَا

هُوَ كَاظِمٌ لِلْغَيْظِ يَمْلِكَ أَمْرَهُ

وَلِكُلِّ جُرْحٍ كَانَ حَقَّاً بَلْسَمَا

يَسْعَى لِلَمِّ الشَّمْلِ إِنَّ فُؤَدَاهُ

قَدْ كَانَ مِنْ كُلِّ الضَّغَائِنِ سَالمِـََا

يَسْعَى إِلَى الإِصْلاَحِ طُوْلَ حَيَاتِهِ

وَجَنَانُهُ كَانَ الطَّرِيْقَ الأَقْوَمَا

يَسْعَى لِبَيْتِ اللهِ كُلَّ فَرِيْضَةٍ

فَتَرَاهُ دَوْمَاً سَاجِدَاً أَوْ قَائِمَا

قَدْ كَانَ مُتَّبِعَاً لِهَدْيِ المُصْطَفَى

وَبِحُبِّ آَلِ البَيْتِ كَانَ مُتَيَّمَا

في خَيْرِ شَهْرٍ بَلْ وَأَفْضَلِ لَيْلَةٍ

قَدْ كَانَ فِيْهَا لِلْفُرُوْضِ مُتَمِّمَا

صَلَّى التَّرَاوِيْحَ اسْتَرَاحَ فُؤَادُهُ

لأَمَانَةِ الرَّحْمَنِ كَانَ مُسَلِّمَا

تَبْكِيْكَ أَفْئِدَةُ الْجَزِيْرَةِ كُلِّهَا

كُلٌّ لِمَوْتِكَ يَا حَبِيْبُ تَأَلَّمَا

مَنْ ذَا يَؤُمُّ النَّاسَ بَعْدَ رَحِيْلِكُمْ

مَنْ ذَا يُؤَذِّنُ شَادِيَاً مُتَرَنِّمَا

غَادَرْتَنَا وَعُيُوْنُنَا تَبْكِي دَمَاً

فَرَحِيْلُكُمْ قَدْ كَانَ هَوْلاً صَادِمَا

سَتَظَلُّ حَيَّاً في القُلُوْبِ عَلَى المَدَى

سَأَظَلُّ عُمْرِيَ دَاعِيَاً مُسْتَرْحِمَا

يَا رِبِّ في الجَنَّاتِ أَعْلِ مَقَامَهَ

وَاجْعَلْهُ لِلْهَادِي البَشِيْرِ مُلازِمَا

وَارْزُقْهُ يَا رَبَّاهُ رُؤْيَةَ وَجْهِكُمْ

وَاجْعَلْهُ عِنْدَكَ في الجِنَانِ مُنَعَّمَا

أَنْتَ المَلاذُ وَأَنْتَ أَنْتَ المُرْتَجَى

نَرْجُوْكَ يَا رَبَّاهُ فَارْحَمْ (قَاسِمَا)