ألقى الكمى ولا أهاب لقاءه

أَلقَى الكِمَّى ولا أَهابُ لِقاءَهُ

ويفُلّ إقدامي شَبَا الحَدَثانِ

وأَكُرُّ في صَدْرِ الخَمِيس معانِقاً

لِلموتِ حِين يفرّ كلُّ جَبانِ

ويزِيدني ذلّ الخطوبِ تعظُّماً

وتسلُّطُ الأيّامِ عِزَّ مكانِ

وعلِمتُ أخلاق الزمانِ فلم أَضِقْ

ذَرْعاً بأيّامي وغَدْرِ زماني

فكما يَمَلّ الدهرُ مِن إعطائِه

فكذا مَلالتُه مِن الحِرْمانِ

وكما يَكُر لمَعشرٍ بسعادةٍ

فكذا يَكُرّ لمِعشرٍ بِهوانِ

فإذا رماك بِشِدّةٍ فاصبر لها

فلسوف يأتي بعدها بِليانِ

ولقد رضِيتُ من الزّمانِ بجَوْرِه

متحمِّلاً وشرِبتُ ما أَسْقاني

في حادثٍ نُدَمائيَ الأَشجانُ في

غَمَراته وتفكُّرِي رَيْحاني

فَسلِ الليالي عن نَفاذِ عِزيمتي

وسَلِ الحوادثَ عن ثبَاتِ جَناني

تُخْبِرْك عنِّي أَنني لم أَلقَها

هَيْنَ العَزائِمِ واهي الأركانِ

أَصبحتُ لا أشتاق إلاّ للنَّدَى

إِلْفاً ولا أَهوىَ سِوَى الإِحسانِ

أَقَوى على مَضَضِ الشّدائِدِ والوَغَى

وأَذوبُ عند معَاتِبِ الإِخوانِ

وإذا السيوف قَطعْنْ كلَّ ضريبةٍ

قَطَعَ السيوفَ القاطِعاتِ لِساني