صبر المحب أحق بالإحجام

صَبْرُ المحبّ أحقُّ بالإحْجامِ

والشوقُ أَولَى منه بالإقدامِ

مَنَعَ الكَرَى دمعٌ يفيض كأنما

نَثرتْ به العينان سِلْكَ نِظام

وصبابةٌ مِلءُ الفؤاد يَزيدُها

لَهبَاً علَيّ مَلامةُ اللُّوّام

إنّ الظعائن يومَ رَمْلَةِ عالجٍ

مَلّكن كلَّ حَشيً لكلّ غَرامِ

أَبْرزْنَ من خَلَل السُّتُورِ مَحاجِراً

مكحولةً بمَلاحةٍ وسَقامِ

وأَردن تسليماً وخِفْنَ مُراقباً

فبعثْنَه بإشارةِ الإبهام

وبَسَمْن عن كالدُّرّ أَلْعَسَ أَشْنَبٍ

وَسَفَرْنَ عن كالشمس تحتَ ظلامِ

غِيدٌ كمُحْمَرّ الشَّقيقِ خدُودُها

وعيونُها كَمطافِل الآرامِ

أَذهَلْنَني حتَّى ظَلِلتُ كأنّني

وأنا صريُع هَوىً صريعُ مُدام

لو كنت أَقضي بالتَّناسُخ في الورى

لحِسبتُ أنّي عروةُ بنُ حِزام

وَمجُودَةٍ بالغيثِ صَفَّفَ نَوْرَها

دَمْعُ السَّحائب فارداً لِتُؤام

باكرتُ فيها الخَنْدَريسَ بِفتْيةٍ

مِن هاشمٍ شُمِّ الأُنوفِ كِرامِ

لا يهتدون إلى السَّبابِ ولا الخَنى

بل للنَّدّى ورواجِحِ الأحلام

يتَنازعونَ جَنَى الحديثِ ونَصَّه

بألدِّ تأدِيَةٍ وطيبِ كَلامِ

جِدّاً وهَزْ لاً مُمْتِعاً وتصُّرفاً

في كلّ مَا فَنٍّ وحُسْنِ نِدامِ

فُرسانُ أبكار الكلام إذا امتطَوا

رتبَ الخطاب فوارسُ الأقلامِ

عاطيتُهم كأساتها مذ فَرَّقَت

كفُّ الصباح دُجُنَّةَ الإظلام

حتى رأيت الشمس جانحةً وقد

مالت مَمِيلَ خريدة لِلثام

والنجمُ يحتثّ الهلالَ كراحة

أومأ إليه بَنانُها بسلام

من كلّ شيء قد قضيتُ لُبانةً

إلا الخنى وقبائحَ الآثامِ

يا صاح قد عاد الزمان بحُسنِه

وارتدّ لينُ بشاشة الأيام

وأرى الخلافة مذ حَمَى ساحاتِها

سيفُ العزيز عزيزةَ الأعلام

ملك تفرّد بالعُلا وتوحّدت

كفّاه بالإفضال والإنعام

لا بالنَّؤوم عن العدا تَرَفاً ولا

بِمعرَّج عن نُصرة الإسلام

أبداً تراه عن الخلافة ذائدا

ما تَتّقي وعن الوليّ يُحامي

أخليفةَ اللّهِ الّذي ظهر الهدى

في عصره والعدلُ في الأحكام

حقَقتَ آمالي ورِشْت سِهامِي

وشددتَ أزري وانتضيتَ حُسامي

بوليّ عهد المسلمين محمد

والمرتجَى للنَّقْض والإبرام

ناولتَنيه رافعا قدري به

ومبيّنا للناس عقد ذمامي

فحملتُ منه ليثَ غاب باسلاً

شهمَ العزيمة ماضيَ الإقدام

وفطانةً نبويّةً وحَزامةً

عَلَويّة لم تتّفق لإمام

ما كنت أحسب قبل هذا أنني

أسعى بشمس ضحى وبدرِ تِمام

حمّلتَني العلياءَ حين حملتُه

حتى عَظُمتُ به على الإعظام

الآن لاقيت الخطوب محارباً

وعلمت أني أفضل الأعمام

شكري لفضلك شكرُ من أوليتَه

محضَ الوداد وغاية الإكرام

ولَمِثلُك استعلَى بكلّ فضيلة

ورأى الحنوَّ على ذوي الأرحامِ

ولَئن أصابَني اختيارُك إنني

من دونهمْ لأَرى بك استعصامي

صلىَّ عليك اللّهُ من متعصِّب

للدين راعٍ للوفاء همام