ومهمه مشتبه الأرجاء

ومَهْمَه مُشتبِهِ الأَرْجاءِ

جَهْمِ الفَيافِي مُوحِشِ اليَهْماءِ

عارِي الرُّبَا إلاّ من النَّكْباء

صَلْدٍ عَزَازٍ شاسِع الفضاء

أجردَ مثلِ الصخرة الصمّاء

لو وسَمْته ثُغْرةُ السماء

بكلّ هَطّالٍ من الأَنْواءِ

كَنَهْوَرِ الغَيمْ سَحُوحِ الماء

ما قَدَرتْ فيه على خَضْراءِ

كأنّه مَنْخَرِس البَوْغاء

فَهْوَ كمثل الهامة الحَصَّاء

مشتبه الإصباح بالإمساء

يستُر فيه رَوْنَقَ الضَّحاء

ما ترفَع الرِّيحُ من الهَباء

كأَنَّما لُفّ بطِرْمِساء

قَفْرٍ يَبَابٍ بَلْقَعٍ خَلاء

إلاّ من الآجَال والأَلآء

تعزِف فيه الجِنّ بالعشاء

عَزْفَ قِيان الشَّرْبِ بالغِناء

غَبَقْتُه في ليلةٍ لَيْلاء

دَعْجاءَ كالزَّنْجيّة السوداءِ

على عَسِيرٍ فُنُقٍ فَرْقاء

حَرْفٍ هجانٍ لونُها قَوْداءِ

خَطّارةٍ زَيَّافةٍ وَجْناء

مَضْبورةٍ تَفْعَل بالبيداء

فعلَ قَراح الماء بالصَّهباء

قطعتُه مشيِّعَ الحَوْباء

بعَزْمةٍ صارمةٍ صَمَّاء

قطْعَ نجومِ الليل للظّلماء

حتَّى إذا قلتُ دنا التَّنائي

أصبح قُدَّامِيَ ما ورائي

والشمس قد حلّت ذُرَا الجَوْزاء

تُذِيب حرًّا هامةَ الحرْباء

وتقدَح النارَ من المَعْزاء

حتى ترى العِينَ لَدَى الرَّمْضَاء

جواثماً مَوْتَى على الأَطْلاء

والضبّ لا يبدو من الدَّامَاء

خوفاً من الإثْفَاء والإحماء

عقدتُ وجهي فيه بالأذْكاء

عَقْدَ اللَّمَى بالشَّفَة الَّلمياء

أسيرُ في دَيْمُومةٍ جرداءِ

ليست بمَشْتاة ولا شَجْراء

حتى وصلتُ الصبحَ بالعشاء

لا مُسْتدلاًّ بسوى ذَكائِي

وصاحبي أمْضَى من القضاء

في ظُلَم الأكباد والأحشاء

غَضْبٌ حُسَامٌ جائلُ الَّلأْلاء

كالبرق في دِيمته الوَطْفَاء

عَليَّ زغفُ لأْمةٍ خضراء

مسْرودةٍ محبوكةِ الأجزاء

سابغةٍ كالنِّهْيِ بالعَراء

فلم أزَلْ في صَهوة القَبّاء

أَرْكض بالدَّهْماء في الدَّهْماء

مُعْتقلاً بالصَّعْدَة السَّمراء

حتى طرَقتُ الحيّ بالخَلْصاء

من آل سعدٍ وبَني العَراء

همُ مُرَادِي وهمُ أعدائي

والصُّبْح قد ذاب على الهواء

كالثلج أو كالفِضّة البيضاء

يا ربّة الحمراءِ والصفراء

والناقة العَيْرانة الأَدْماءِ

والخالِ فوق الوجنة الحمراءِ

ماذا على مقلتك النَّجْلاَء

والشَّفَةِ الوَرْديّة اللَّعْساء

وقدِّك المائل في استواء

ورِدْفِك المالئ للمُلاءِ

وقلبِك المقلوب للجفاء

لو قُلِبَ الدّاءُ إلى الدواء

وروضة باكرة الأَنْداء

مُؤْنِقَةِ البيضاء والكَحْلاء

ظاهرِة الحمراء والصّفراء

كأنَّها المَوْشيُّ من صَنْعاء

مُعْلَمةِ الحُلّة والرِّداء

أبهَى من الحَلْى على النساء

باكرتُها في فِتْيةٍ وِضاء

بأكؤسٍ مُتْرَعَةٍ مِلاَء

يَسعَى بها منفرِجُ القَباء

أحوَرُ رَطْب اللَّفظ والأعضاء

يفهَم بالّلحظ وبالإيماء

فهو مُنَى مقلةِ كلّ رَاء

نَشربها كريمةَ الآباء

صفراءَ لا نقهَرُها بماء

كأنّها في البطش والصّفاء

عَزْمُ العزيز المَلِك الأَبَّاء

الفاتِق الراتقِ للأشياء

والحازِم العازِم في الهيجاء

القائل الفاعِل للعلياء

ووارثِ الحكمةِ والأنباء

يا بنَ الهُدَى والعتْرة الغَرّاء

فَلّ بك المُلْكُ شبَا الأعداء

وطالَ في عزّته القَعساء

حتى لقد جازَ مدى السماء

إمامةٌ مَهْدِيّة الّلواء

ودولةٌ دائمةُ البقاء

محفوفةٌ بالعزّ والبهاء

عَمَّمْتَ بالعدل بني حوّاء

وسُسْتَهم بمُحْكَم الآراء

سياسةَ الوالدِ للأبناء

سالمةً من فِتَنِ الأهواء

ولم تَزَلْ تسعَى على سِيسَاء

مُنْتَصباً للعَوْدِ والإبداء

والأخْذِ في الدولة والإعطاء

حتى غدا الظالمُ في اختفاء

وعاد مَيْلُ الدِّين لاِستواء

نهضتَ بالثِّقل من الأعباء

نهوضَ مَنْ زاد على الأكفاء

كأنك المقْدارُ في الإمضاء

وكلُّ مَنْ عاداك في ضَرّاء

وكلُّ مَنْ والاَك في سَرّاء

أنت عِمادي وبك اعتلائي

وجُنَّتي في السَّلْم واللّقاء

وأنت في كلّ دُجىً ضِيائي

وأنتَ ممّا أَتقِي وِقائي

كم مُضْمِرٍ لي عُقَدَ الشّحناء

يَنْسُبُني فيك إلى السَّواء

جَبَهْتَهُ بالردّ والإقصاء

ولم تُمَكِّنْه من الإصغاء

حفظاً لطَاعاتي وللإخاء

حتى انثنى محترِقَ الأحشاء

والعدلُ جَبْهُ الكاشح السَّعَّاء

لا والدّمِ الجاري بكَرْبِلاء

ومَنْ بها من دائم الثَّواء

بني عليٍّ وبني الزَّهْراء

ذوِي التَّناهِي وذوي العَلاء

ما حُلْتُ عن مُسْتَحْسَن الصفاء

فيك ولا عن خالص الوفاء

في ظاهرٍ مِنّى ولا خَفاء

فكيف أَنْسَى مِنَنَ الآلاَء

يا مُلْبِسِي من سابغِ النَّعماء

ما فاض عن حِفْظِي وعن إحصائي

أضعفتَني فيه عن الجزاء

فما أُكافِي بسوى الثّناء

والشكرِ في التقريظ والإطراء

وفَيْلَقٍ مُشْتَبِهِ الضّوضاء

تَضيق عنه ساحة الفضاء

مُجْتَمع الأحداث والأَرْزاء

حُطْتَ به الدّين من الطَّخْياء

والملكَ من كلِّ امرئٍ عَصّاء

والمُلكُ لا يظفَر بالسَّناء

ما لم يكن يُغْسَلُ بالدماء

وأشْعثٍ كالفرخ في الخرْشَاء

مِن اتّصال الجَهْد والإشْفاء

عادَ بإنعامِك في إثْراء

كم من نَوَالٍ ويدٍ بيضاء

والَيْتَها عَوْداً على ابتداء

من غير ما منٍّ ولا إكداء

والمجدُ للجود وللإعطاء

يا واهب الأَعْوَج العَوْجاء

والغادِة المَمْكورةِ العَيْناء

والبِدَرِ الموفورِة المِلاء

والعِيس قد أُثْقِلن بالحِباء

ما خاب يوماً منك ذو استحباء

ولا غدَا منقطِعَ الرّجاء

فالمال من بُشرِك في بُكاءِ

جَوداً كَجود الغيث والدَّأْماء

من أنملٍ باكرةِ الدَمْياء

ليست عن المعروف في البِطاءِ

عادَ عليك العيد باستعلاء

والعزِّ في ملكك والنَّماء

ونَيْلِ ما ترجو بلا إرجاء

ما أرَّقَ الصبَّ بُكَا وَرْقاءِ