ويوم من الأيام غابت عواذله

ويومٍ من الأيّام غابت عواذِلُه

سَقانا به طَلٌّ السرورِ ووابِلُهْ

صفَتْ مثلَ صَفْوِ الخمرِ بالماءِ بَيْننَا

أَواخرُه حُسْناً وطابَتْ أَوائِلُهْ

فلمّا تعاطَيْنا المُدامَ وأَوْمَضَتْ

بُروقُ الصِّبا فينا وسُلَّتْ مَناصِلُهْ

دَهَتْنا صروفُ الدَّهرِ بالفَرَسِ الّذي

مَضى آبِقاً واسترجَعَ اللَّهْوَ باذِلُهْ

وبِتْنا على سُكْرَيْنِ مِن سُكْر قهوةٍ

وسكرٍ من الخَطِب الّذي جَلَّ نازلُهْ

فيا لكَ يوماً طاب صُبْحاً وغُدْوةً

وجاءتْ بأضدادِ السُّرورِ أصائِله

فبِتْنا كما لا نَشْتَهِي وقلوبُنا

رهائنُ فِكرٍ يُحْرِق الجمرَ داخِلُه

نُقسِّم كَأْساتِ التَّنَدُّمِ بيننا

ونَنْشُر شَجْواً ليس تَهْدَا مَراجِلُهْ

ونُفْكرِ مِنهُ في عواقبَ يرتضِي

بشاعَتَها مُبْدِي الشَّماتِ وحامِلُهْ

فلّما بدا وجُه الصَّباحِ وأَقبلَتْ

تَكُرُّ على وَفْدِ الظّلامِ قنابِله

أتتْنا بِه البُشْرَى فرَوَّحَ مُكْمَدٌ

وأَنْهل صادٍ بات حِبٌّ يُواصِله

فلو عاينَ الْمَلْكُ العزيزُ مَبِيتَنا

لخطبٍ دَهتَنْا بالفَظِيعِ كَلاكِله

لأَرْغَمَ أنفَ الدَّهِر عن أن يُصِيبنَا

كما لم يَزَلْ فِينا نَداه ونائِلهْ

إمامٌ كأنَّ اللهَ أَنْزَلَ فَضْلَه

قُراناً فما خَلقٌ من النّاس جاهِلُهْ