بان الخليط فما للقلب معقول

بَانَ الخَليطُ فَمَا لِلْقَلْب مَعْقُولُ

ولاَ عَلَى الجيرَةِ الغَادِينَ تَعْوِيلُ

أَمَّا هُمُ فَعُدَاةٌ مَا نُكَلِّمُهُمْ

وهْيَ الصَّدِيقُ بِهَا وَجْدٌ وتَخْبِيلُ

كَأَنَّني يَوْمَ حَثَّ الحَادِيانِ بِهَا

نَحْوَ الإِوَانَةِ بِالطَّاعُونِ مَتْلُولُ

يَوْمَ ارْتَحَلْتُ بِرَحْلِي دُونَ بَرْذَعَتي

والقَلْبُ مُسْتَوْهِلٌ بِالبَيْنِ مَشْغُولُ

ثُمَّ اغْتَرَزْتُ عَلَى نَضْوِي لأبْعَثَهُ

إِثْر الحُمُولِ الغَوَادِي وهْوَ مَعْقُولُ

فَاسْتَعْجَلَتْ عَبْرَةٌ شَعْوَاءُ قَمَّحَهَا

مَاءٌ ومَالَ بِها في جَنْفِها الجُولُ

فَقُلْتُ مَا لِحُمُولِ الحَيِّ قَدْ خَفِيَتْ

أَكَلَّ طَرْفِيَ أَمْ غَالَتْهُمُ الغُولُ

يَخْفَوْنَ طَوْراً فَأَبْكِي ثُمَّ يَرْفَعُهُمْ

آلُ الضُّحَى والهِبِلاَّتُ المَرَاسِيلُ

تَخْدِي بِهِمْ رُجُفُ الأَلْحِي مُلَيَّثَةٌ

أَظْلاَلُهُنَّ لأَيْدِيهنَّ تَنْعِيلُ

ولِلْحُدَاةِ عَلَى آثَارِهِمْ زَجَلٌ

ولِلسَّرَابِ عَلَى الحِزَّانِ تَبْغِيلُ

حَتَّى إِذَا حَالَتِ الشَّهْلاَءُ دُونَهُمُ

واسْتَوْقَدَ الحَرُّ قَالُوا قَوْلَةً قِيلُوا

واسْتَقْبَلُوا وَادِياً جَرْسُ الحَمَامِ بِهِ

كَأَنَّهُ نَوْحُ أَنْبَاطٍ مَثَاكِيلُ

لَمْ يُبْقِ مِنْ كَبِدِي شَيْئاً أَعِيشُ بِهِ

طُولُ الصَّبَابَةِ والبِيضُ الهَرَاكِيلُ

مِنْ كُلِّ بَدَّاءَ في البُرْدَيْنِ يَشْغَلُهَا

عَنْ حَاجَةِ الحَيِّ عُلاَّمٌ وتَحْجِيلُ

مِمَّنْ يَجُولُ وِشاحَاهَا إِذَا انْصَرَفَتْ

ولاَ تَجُولُ بِسَاقَيْهَا الخَلاَخِيلُ

يَزِينُ أَعْدَاءَ مَتْنَيْهَا ولَبَّتَها

مُرَجَّلٌ مُنْهَل بِالمِسْكِ مَعْلُولُ

تُمِرُّهُ عَطِفَ الأَطْرَافِ ذَا غُدَرٍ

كَأَنَّهُنَّ عَنَاقِيدُ القُرَى المِيلُ

هِيفُ المُرَدَّى رَدَاحٌ في تَأَوُّدِهَا

مَحْطُوطَةُ المَتْنِ والأَحْشَاءِ عُطْبُولُ

كَأَنَّ بَيْنَ تَرَاقِيهَا ولبَّتِهَا

جَمْراً بِهِ مِنْ نُجُومِ اللَّيْلِ تَفْصِيلُ

تَشْفِي مِنَ السِّلِّ والبِرْسَامِ رِيقَتُهَا

سُقْمٌ لِمَنْ أَسْقَمَتْ داءٌ عَقَابِيل

تَشْفِي الصَّدَى أَيْنَمَا مَالَ الضَّجِيعُ بِهَا

بَعْدَ الكَرَى رِيقَةٌ مِنْهَا وتَقْبِيلُ

يَصْبُوا إِلَيْهَا ولَوْ كَانُوا عَلى عَجَلٍ

بِالشِّعْبِ مِنْ مَكَّةَ الشَّيبُ المَثَاكِيلُ

تَسْبِي القُلُوبَ فَمِنْ زُوَّارِهَا دَنِفٌ

يَعْتَدُّ آخِر دُنْيَاهُ ومَقْتُولُ

كَأَنَّ ضَحْكَتَها يَوْماً إِذَا ابْتَسَمَتْ

بَرْقٌ سَحَائِبُهُ غُرٌّ زَهَالِيلُ

كَأَنَّهُ زَهَرٌ جَاءَ الجُنَاةُ بِهِ

مُسْتَطْرَفٌ طَيِّبُ الأَرْواحِ مَطْلُولُ

كَأَنَّهَا حِينَ يَنْضُو النَّوْمُ مِفْضَلَها

سَبِيكَةٌ لَمْ تُنَقِّصْهَا المَثَاقِيلُ

أَوْ مُزْنَةٌ كَشَّفَتْ عَنْهَا الصَّبَا رَهَجاً

حَتَّى بَدَا رَيِّقٌ مِنْهَا وتَكْلِيلُ

أَوْ بَيْضَةٌ بَيْنَ أَجْمَادٍ يُقَلِّبُهَا

بِالمَنْكَبيْنِ سُخَامُ الزِّفِّ إِجْفِيلُ

يَخْشَى النَّدَى فَيُوَلِّيهَا مَقَاتِلَهُ

حَتَّى يُوَافِيَ قَرْنَ الشَّمْسِ تَرْجِيلُ

أَوْ نَعْجَةٌ مِنْ إِرَاخِ الرَّمْلِ أَخْذَلَهَا

عَنْ إِلْفِها وَاضِحُ الخَدَّيْنِ مَكْحُولُ

بِشُقَّةٍ مِنْ نَقَا العَزَّافِ يَسْكُنُهَا

جِنُّ الصَّرِيمَةَ والعِينُ المَطَافِيلُ

قَالَتْ لَهَا النَّفْسُ كُونِي عِنْدَ مَوْلِدِهِ

إِنَّ المُسْيكِينَ إِنْ جَاوَزْتِ مَأْكُولُ

فَالقَلْبُ يَعْنَى بِرَوْعَاتٍ تُفَزِّعُهُ

واللَّحْمُ مِنْ شِدَّةِ الإِشْفَاقِ مَخْلُولُ

تَعْتَادُهُ بِفُؤَادٍ غَيْرِ مُقْتَسَمٍ

ودِرَّةٍ لَمْ تَخَوَّنْهَا الأَحَالِيلُ

حَتَّى احْتَوَى بِكْرَهَا بِالجَوِّ مُطَّرِدٌ

سَمَعْمَعٌ أَهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ زُهْلُولُ

شَدَّ المَمَاضِغَ مِنْهُ كُلَّ مُنْصَرَفٍ

مِنْ جَانِبَيْهِ وفي الخُرْطُومِ تَسْهِيلُ

لَمْ يَبْقَ مِنْ زَغَبٍ طَارَ النَّسِيلُ بِهِ

عَلى قَرَامَتْنِهِ إِلاَّ شَمَالِيلُ

كَأَنَّمَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وزُبْرَتِهِ

مِنْ صَبْغِهِ في دِمَاءِ القَوْمِ مِنْدِيلُ

كَالرُّمْحِ أَرْقَلَ في الكَفَّيْنِ واطَّرَدَتْ

مِنْهُ القَنَاةُ وفِيهَا لَهْذَمٌ غُولُ

يَطْوِي المفَاوِزَ غِيطَاناً ومَنْهَلُهُ

مِنْ قُلَّةِ الحَزْنِ أَحْوَاضٌ عَدَامِيلُ

لَمَّا ثَغَا الثَّغْوَةَ الأُولَى فَأَسْمَعَهَا

ودُونَهُ شُقَّةٌ مِيلاَنِ أَوْ مِيلُ

كَادَ اللُّعَاعُ مِنَ الحَوْذَانِ يَسْحَطُهَا

ورِجْرِجٌ بَيْنَ لحْيَيْهَا خَنَاطِيلُ

تُذْرِي الخُزَامَى بأَظْلاَفٍ مُخَذْرَفَةٍ

ووَقْعُهُنَّ إِذَا وَقَعْنَ تَحْلِيلُ

حَتَّى أَتَتْ مَرْبِضَ المِسْكِينِ تَبْحَثُهُ

وحَوْلَهَا قِطَعٌ مِنْهُ رَعَابِيلُ

بَحْثَ الكَعَابِ لِقُلْبٍ في مَلاَعِبِهَا

وفي اليَدَيْنِ مِنَ الحِنّاءِ تَفْصِيلُ