ذر العين تسفح في الديار فلا أرى

ذَرِ العَيْنَ تَسْفَحْ في الدِّيَارِ فلا أَرَى

التَّعَزِّيَ يَشْفيها ولاَ تَرْكَها الجَهْلاَ

وَلاَ يَسْتَطِيعُ القَلْبُ لَوْ تَعْذُرَانِهِ

صُحُوًّا ولاَ عَيْني بِعَبْرَتِهَا بُخْلاَ

مَرَتْهَا فَلَمْ تُسْبِلْ طَوِيلاً ولَمْ تَكَدْ

بِدِرَّةِ مَاءِ الشَّأْنِ تَسْفَحُهَا ضَهْلاَ

تَذَكَّرْتُ إِخْوَانِي الَّذِينَ هَجَرْتُهُمْ

كَأَنْ لَمْ يِكُنْ شَكْلِي لَهُمْ مَرَّةً شَكْلاَ

هَجَرْتُهُمُ مِنْ غَيْرِ بُغْضٍ ولا قِلىً

ولكِنَّ مَرَّ الدَّهْرِ كَانَ لَهُمْ شُغْلاَ

ونَحْنُ نُرَجِّي أَنْ نُلاَقِيَ عِزَّةً

عَلَى أُخَرٍ لَمْ نَلْقَ قَبْلُ لَهُمْ عِدْلاَ

وحَيٍّ كِرَامِ قَدْ تَلَغَّبْتُ سَيْرَهُمْ

بِمَرْبُوعَةٍ صَهْبَاءَ مَجْدُولَةٍ جَدْلاَ

رَجِيعَةِ أَسْفَارٍ سَرِيعٍ أبِيقُهَا

إِذَا أَخْلَقَتْ نَعْلاً نُجِدُّ لَهَا نَعْلاَ

مَتَى تَأْتِهِمْ مِنْ حَافَةٍ تَلْقَ سَيِّداً

غُلاماً مُبِيناً عِنْدَهُ السَّرُْ أَوْ كَهْلاَ

يَقُودُونَ جُرْداً قَدْ طُوِينَ كَأَنَّهَا

خَطَاطِيفُ ظِلٍّ لَمْ يَدَعْنَ لَهُمْ تَبْلاَ

لَهُمْ ظُعُنٌ سَطْرٌ تَخَالُ زُهَاءَهَا

إِذَا مَا حَزَاهَا الآلُ مِنْ سَاعَةٍ نَخْلاَ

بِوَادٍ حِجَازيٍّ تَغَوَّلَ طُولُهُ

مَزَارِعُ في شُطْئَانِهِ نُجِلَتْ نَجْلاَ

لَهُمْ سَلَفٌ شُمٌّ طِوَالٌ رِمَاحُهُمْ

يَسِيرُونَ لاَ مِيلَ الرُّكُوبِ ولاَ عُزْلاَ

وحَوْمٌ حَوَتْ آبَاؤُهُمْ أُمَّهَاتِهَا

نَجَائِبُ نُعْطِيهَا ونَعْقِلُهَا عَقْلاَ

ونَنْحَرُهَا مَثنىً إِذَا الرِّيحُ أَعْصَفَتْ

وخِلْتَ بُيُوتَ الحَيِّ مَنْزِلَةً مَحْلاَ

ونُلْصِقُ بالكُوم الجِلاَدِ وقَدْ رَغَتْ

أَجِنَّتُهَا ولَمْ تُنَضِّجْ لَهَا حَمْلاَ

وبِيضٍ مَبَاهِيجٍ كَأَنَّ خُدُودَهَا

خُدُودُ مَهاً آلفْنَ مِنْ عَالِجٍ هَجْلاَ

ثِقَالِ الخُطَى غِيدِ السَّوَالِفِ لَمْ تُقِمْ

عَلى الخَسْفِ يَمْلأْنَ الدَّمِالِيجَ والحَجْلاَ

تَبَاهَى بِصَوْغٍ مِنْ كُرُومٍ وفِضَّةٍ

مُعَطَّفِةٍ يَكْسُونَهَا قَصَباً خَدْلاَ

لَهَوْتُ بِهَا والدَّهْرُ ضَافٍ قِنَاعُهُ

عَلَيْنَا ولَمْ يَقْطَعْ لَنَا كَاشِحٌ حَبْلاَ