لمن الديار بجانب الأحفار

لِمَنْ الدَّيَارُ بِجَانِبِ الأَحْفَارِ

فَبَتِيل دَمْخٍ أَوْ بِسَلْعِ جُزارِ

أَمْسَتْ تَلُوحُ كَأَنَّهَا عَامِيَّةً

والعَهْدُ كَانَ بِسَالِفِ الإِعْصَارِ

خَلَدَتْ ولَمْ يَخْلُدْ بِهَا مَنْ حَلّهَا

ذَاتُ النِّطَاقِ فَبُرْقَةُ الإمْهَارِ

فَرِيَاضُ ذِي بَقَرٍ فَحَزْمُ شَقِيقَةٍ

قَفْرٌ وقَدْ يَغْنَيْنَ غَيْرَ قِفَارِ

بَعْدَ المُرَوَّحِ والعَزِيبِ كَأَنَّهُ

حَرَجُ السَّلِيلِ مُمَنَّعُ الأَدْبَارِ

والعَادِيَاتِ البَرْدَ كُلَّ عَشِيَّةٍ

قُبَّ البُطُونِ كَأَنَّهُنَّ صَوَارِي

والمُسْمِعَاتِ لَدَى الشُّرُوبِ كَأَنَّهَا

أَدْمُ الظِّبَاءِ نَوَاعِمُ الأَبْشَاره

وَمَجَالِسٍ تَمْشي الغَطَارِفُ بَيْنَهَا

كالجِنِّ لَيْسَ لَبُوسُهُمْ بِنِمَارِ

وإِذَا الشَّمَالُ تَرَوَّحَتْ بِعَشِيَّةٍ

تَرْمِي البُيُوتَ بِيَابِسِ الأَحْظَارِ

أَلْفَيْتَنَا مَرْفُوعَةً حُجُرَاتُهَا

لِلضَّيْفِ عِنْدَ مَزَاحِفِ الأَيْسَارِ

في مَجْلِسٍ يُغْلُونَ كلَّ عَبِيطَةٍ

في مَحْفِلٍ سَبِطِينَ غَيْرِ زِمِارِ

ومُعَرَّسٍ تَجِبُ القُلُوبُ مَخَافَةً

مِنْهُ وتُبْدِي خَافِيَ الأَسْرَارِ

تَنْتَابُهُ غَرِضِينَ عِنْدَ صَوَافِنٍ

وضَوَامِرٍ يَصْرِفْنَ بِالأَكْوِارِ

حَتَّى إذَا مَا الصُّبْحُ شَقَّ أَدِيمَهُ

لِلْقَوْمِ أَوْقَدُوا عَلَى الإِبْصَارِ

جَدَّتْ قَرِيَنَتُهُمْ عَلَى مَا خَيَّلَتْ

وغَدَتْ تُبَشِّرُ طَيْرُهُمْ بِغِوَارِ

وضَرَبْنَ مِنْ نَظَر وأَعْرَضَ سَارِحٌ

سَبطُ المَشَافِرِ سَاقِطُ الأَوْبَارِ

يَقْطَعْنَ عَرْضَ الأَرْضِ غَيْرَ لوَاغِبٍ

وكَأَنَّ مُحْزِنَهَا لهُنَّ صَحَارِي

فَقَضَيْنَ مَا قَضَّيْنَ ثُمَّ تَرَكْنَهُمْ

عُزُبَ المَبَاءَةِ غُيَّبَ الأَنْفَارِ