هل أنت محيي الربع أم أنت سائله

هَلَ أَنْتَ مُحَيِّي الرَّبْعَ أَمْ أَنْتَ سائِلُهْ
بِحَيْثُ أَحَالَتْ في الرِّكَاءِ سَوائِلُهْ
وكَيْفَ تُحَيِّي الرَّبْعَ قَدْ بَانَ أَهْلُهُ
فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أُسُّهُ وجَنَادِلُهْ
عَفَتْهُ صَنَادِيدُ السِّمَاكْينِ وانْتَحَتْ
عَلَيْهِ رِيَاحُ الصَّيْفِ غُبْراً مَجَاوْلُهْ
وقَدْ قُلْتُ مِنْ فَرْطِ الأَسَى إِذْ رَأَيْتُهُ
وأَسْبَلَ دَمْعِي مُسْتَهْلاً أَوَائِلُهْ
أَلاَ يَا لَقَوْمٍ لِلِّديَارِ بِبَدْوَةٍ
وأَنَّى مِرَاحُ المَرْءِ والشَّيْبُ شَامِلُهْ
ولِلدَّارِ مِنْ جَنْبَيْ قَرَوْرَى كَأَنَّهَا
وُحِيُّ كِتَابٍ أَتْبَعْتْهُ أَنَامِلُهْ
صَحَا القَلْبُ عَنْ أَهْلِ الرِّكاءِ وفَاتَهُ
عَلَى مَأْسَلٍ خِلاَّنُهُ وحَلاَئِلُهْ
أَخُو عَبَرَاتٍ سِيقَ لِلشَّامِ أَهْلُهُ
فَلاَ اليَأَسُ يُسْلِيهِ ولاَ الحُزْنُ قَاتِلُهْ
تَنَاسَأَ عِنْ شُرْبِ القَرِينَةِ أَهْلُهَا
وعَادَ بِهَا شَاءُ العَدُوِّ وجَامِلُهْ
تُمْشِّي بِهَا شَوْلُ الظِّبَاءِ كَأَنَّهَا
جَنَى مَهْرَقَانٍ فَاضِ بِاللَّيْلِ سَاحِلُهْ
وبُدِّلَ حَالاً بَعْدَ حَالٍ وعِيشَةً
بِعِيشَتِنَا ضَيْقُ الرِّكَاءِ فَعَاقِلُهْ
سَخَاخاً يُزَجِّي الذِّئْبُ بَيْنَ سُهُوبِهَا
وفَحْلُ النَّعَامِ رِزُّهُ وأَزَامِلُهْ
أَلاَ رُبَّ عَيْشٍ صَالِحٍ قَدْ لَقِيتُهُ
بِضَيْقِ الرِّكَاءِ إِذْ بِهِ مَنْ نُواصِلُهْ
إذِ الدَّهْرُ مَحْمُودُ السَّجِيَّاتِ تُجْتَنَى
ثِمَارُ الهَوَى مِنْهُ ويؤْمَنُ غَائِلُهْ
وحَيٍّ حِلاَلٍ قَدْ رَأَيْنَا ومَجْلِسٍ
تَعَادَى بِجِنَّانِ الدَّحُولِ قَنَابِلُهْ
هُمُ التَّابِعُونَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِ أَصْلِهِ
بِأَحْلاَمِهِمْ حَتَّى تُصَابَ مَفَاصِلُهْ
هُمُ الضَّارِبُونَ اليَقْدمِيَّةَ تَعْتَرِي
بِمَا في الجُفُونِ أَخْلَصَتْهُ صَيَاقِلُهْ
مَصَالِيتُ فَكَّاكُونَ لِلسَّبْيِ بَعْدَمَا
تَعَضُّ عَلَى أَيْدِي السَّبِيِّ سَلاَسِلُهْ
وكَمْ مِنْ مَقَامٍ قَدْ شَهِدْنَا بِخُطَّةٍ
نَشُجُّ ونَأْسُو أَوْ كَرِيمٍ نُفَاضِلُهْ
وكَمْ مِنْ كَمِيٍّ قَدْ شَكَكْنَا قَمِيصَهُ
بِأَزْرَقَ عَسَّالٍ إِذَا هُزَّ عَامِلُهْ
وإِنَّا لَنَحْدُو الأَمْرَ عِنْدَ حُدَائِهِ
إِذَا عَيَّ بِالأَمْرِ الفَظِيعِ قَوَابِلُهْ
نُعِينُ عَلَى مَعْرُوفِهِ ونُمْرُّهُ
عَلَى شَزَرٍ حَتَّى تُجَالَ جَوَائِلُهْ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ المَالَ يَخْلُفُ نَسْلُهُ
ويَأْتِي عَلَيهِ حَقُّ دَهْرٍ وبَاطِلُهْ
فَأَخْلِفْ وأَتْلِفْ إِنَّمَا المَالُ عَارَةٌ
وكُلْهُ مَعَ الدَّهْرِ الَّذِي هُوَ آَكِلُهْ
وأَهْوَنُ مَفْقُودٍ وأَيْسَر هَالِكٍ
عَلَى الحَيِّ مَنْ لاَ يَبْلُغُ الحيَّ نَائِلُهْ
ومُضْطَرِبِ النَّسْعَيْنِ مُطَّردِ القَرَى
تَحَدَّرَ رَشْحاً لِيتُهُ وفَلاَئِلُهْ
ذَوَاتُ البَقَايَا البُزْلُ لاَ شَيْءَ فَوْقَهَا
ولاَ دُونَهَا أَمْثَالُهُ وقَتَائِلُهْ
رَمَيْتُ بِهِ الموْمَاةَ يَرْجُفُ رَأْسُهُ
إِذَا جَالَ في بَحْرِ السَّرَابِ جَوَائِلُهْ
إِذَا ظَلتِ العِيسُ الخَوَامِسُ والقَطَا
مَعَاً في هَدَالٍ يَتْبَعُ الرِّيحَ مَائِلُهْ
تَوَسَّدَ أَلْحِي العِيسِ أَجْنِحَةَ القَطَا
ومَا في أدَاوَى القَوْمِ خِفُّ صَلاَصِلُهْ
وغَيْثٍ تَبَطَّنْتُ النَّدَى في تِلاَعِهِ
بِمُضْطَلِعِ التَّعْدَاءِ نَهْدٍ مَرَاكِلُهْ
شَدِيدِ مَنَاطِ القُصْرَيَيْنِ مُصَامِصٍ
صَنِيعِ رِبَاطٍ لمْ تُغَمَّزْ أَبَاجِلُهْ
غَدَوْتُ بِهِ فَرْدَيْنِ يُنْغِضُ رَأْسَهُ
يُقَاتِلُني حَالاً وحَالاً أُقَاتِلُهْ
فَلَمَّا رَأَيْتُ الوَحْشَ أَيَّهْتُ وانْتَحَى
بِهِ أَفْكَلٌ حَتى اسْتَخَفَّتْ خَصَائِلُهْ
تَمَطَّيْتُ أَخْلِيهِ اللِّجَامَ وبَذَّنِي
وشَخْصي يُسَامِي شَخْصَهُ وَيُطَاوِلُهْ
كَأَنَّ يَدَيْهِ والغُلاَمُ يَنُوشُهُ
يَدَا بطَلٍ عَارِي القَمِيصِ أُزَوِالُهْ
فمَا نيل حَتَّى مَدَّ ضَبْعِي عِنَانَهُ
وقُلْتُ مَتَى مُسْتَكْرَهُ الكَفِّ نَائِلُهْ
وحَاوَطْتُهُ حَتَّى ثنيْتُ عِنَانَهُ
عَلَى مُدْبِرِ العِلْبَاءِ رَيَّانَ كاهِلُهْ
فَأَلْجَمْتُهُ مِنْ بَعْدِ جَهْدٍ وقَدْ أَتَى
مِنَ الأَرْضِ دُونَ الوَحْشِ غَيْبٌ مُجاهِلُهْ
فَلَمَّا احْتَضَنْتُ جَوْزَهُ مَالَ مَيْلَةً
بِهِ الغَرْبُ حَتَّى قُلْتُ هَلْ أَنَا عَادِلُهْ
وأَغْرَقَنِي حَتَّى تَكَفتَ مِئْزَرِي
إِلى الحُجْزَةِ العُلْيَا وطَارَتْ ذَلاَذْلُهْ
فَدَلَّيْتُ نَهَّاماً كَأَنَّ هُوِيُّ
هُويُّ قُطَامِيٍّ تَلَتْهُ أَجَادِلُهْ
عَلَى إِثْر شَحّاجٍ لَطِيفٍ مَصِيرُهُ
يَمُجُّ لُعَاعَ العِضْرِسِ الجَوْنِ سَاعِلُهْ
مُفِجٌّ مِنَ الَّلائِي إِذَا كُنْتَ خَلْفَهُ
بَدَا نَحْرهُ مِنْ خَلْفِهِ وجَحَافِلُهْ
إذَا كَانَ جَرْيُ العَيْر في الوَعْثِ دِيمَةً
تَغَمَّدَ جَرْيَ العَيْرِ في الوَعْثِ وَابِلُهْ
فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا في الغُبَارِ حَبَسْتُهُ
مَدَى النَّبْلِ يَدْمَى مِرْفَقَاهُ وفَائِلُهْ
وجَاوَزَهُ مُسْتَأْنِسُ الشُّأْوِ شَاخِصٌ
كَمَا اسْتَأْنَسَ الذِّئْبَ الطَّرِيدُ يُغَاوِلُهْ
فَأَعْصَمْتُ عَنْهُ بِالنُّزُولِ مُجَلِّحاً
كَتَيْسِ الظِّبَاءِ أَفْزَعَ القّلْبَ حَابِلُهْ
فَأَيَّهْتُ تَأْييهاً بِهِ وَهْوَ مُدْبِرٌ
فَأَقْبَلَ وَهْوَاهاً تَحَدَّرَ وَاشِلُهْ
خَدَى مِثْلَ خَدْيِ الفَالجِيِّ يَنُوشُني
بِخَبْطِ يَدَيْهِ عِيلَ مَا هُوَ عَائِلُهْ
إِذَا مَأْقِيَاهُ أَصْفَقَا الطرْفَ صَفْقَةً
كَصَفْقِ الصَّنَاعِ بِالطِّبَابِ تُقَابِلُهْ
حَسِبْتُ الْتِقَاءَ مَأْقِيَيْهِ بِطَرْفِهِ
سُقُوطَ جُمَانٍ أَخْطَأَ السِّلْكَ وِاصِلُهْ
تَرَى النُّعَرَاتِ الخُضْرَ تَحْتَ لَبَانِهِ
فُرَادَى ومَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ
فَرِيساً ومَغْشِيّاً عَلَيْهِ كَأَنَّهُ
خُيُوطَةُ مِارِيٍّ لَوَاهُنَّ فَاتِلهْ
وَكَمْ مِنْ إِرَانٍ قَدْ سَلَبْتُ مَقِيلَهُ
إِذَا ضَنَّ بِالْوَحْشِ العِتَاقِ مَعَاقِلُهْ
- Advertisement -