أقفر ممن يحله السند

أَقفَرَ مِمَّن يَحُلُّهُ السَنَدُ

فَالمُنحَنى فَالعَقيقُ فَالجُمُدُ

لَم يَبقَ فيها مِن المَعارِفِ بَع

دَ الحَيِّ إِلّا الرَمادُ وَالوَتدُ

وَعَرصَةٌ نَكَّرَت مَعالِمَها الري

حُ بِها مَسجِدٌ وَمُنتَضَدُ

لَم أَنسَ سَلمى وَلا لَيالينا

بِالحَزنِ إذ عَيشُنا بِها رَغَدُ

إِذ نَحنُ في مَيعَةِ الشَبابِ وَإِذ

أَيّامُنا تِلكَ غَضَّةٌ جُدودُ

في عيشَةٍ كَالفِرِندِ عازِبَةِ الشِقْ

وةِ خَضراءَ غُصنُها خَضِدُ

نُحسَدُ فيها عَلى النَعيمِ وَما

يولَعُ إِلّا بِالنِعمَةِ الحَسَدُ

أَيّامَ سَلمى غَريرَةٌ أُنُفٌ

كَأَنَّها خوطُ بانِةٍ رُؤدُ

وَيحي غَداً إِن غَدا عَلَيَّ بِما

أَكرَهُ مِن لَوعَةِ الفِراق غَدُ

قَد كُنتُ أَبكي مِن الفِراقِ وَحَيْ

ياناً جَميع وَدارُنا صَدَدُ

فَكَيفَ صَبري وَقَد تَجاوَبَ بِال

فُرقَةِ مِنها الغُرابُ وَالصُرَدُ

دَع عَنكَ سَلمى لِغَيرِ مَقلِيَةٍ

وَعُدَّ مَدحاً بِيوتُهُ شُرُدُ

لِلأَفضَلِ الأَفضَلِ الخَليفَةِ عَب

دِ اللَهِ مِن دونِ شَأوِهِ صُعُدُ

في وَجهِهِ النورُ يُستَبانُ كَما

لاحَ سِراجُ النَهارِ إِذ يَقِدُ

يَمضي عَلى خَيرِ ما يَقولُ وَلا

يُخلِفُ ميعادَهُ إِذا يَعِدُ

مِن مَعشَرٍ لا يَشَمُّ من خَذَلوا

عِزّا وَلا يُستَذَلُّ مَن رَفَدوا

بيضٌ عِظامُ الحُلومِ حَدُّهُم

ماضٍ حُسام وخَيرُهُم عَتَدُ

أَنتَ إِمامُ الهُدى الَّذي أَصلَحَ اللَ

هُ بِهِ الناسَ بَعدَما فَسَدوا

لَمّا أَتى الناسَ أَن مُلكَهُمُ

إِلَيكَ قَد صارَ أَمرُهُ سَجَدوا

وَاِستَبشَروا بِالرِضا تَباشُرَهُم

بِالخُلد لَو قيلَ إِنَّكُم خُلُدُ

وَعَجَّ بِالحَمدِ أَهلُ أَرضِكَ حَتْ

تَى كادَ يَهتَزُّ فَرحَة أُحُدُ

وَاِستَقبِلَ الناسُ عيشَة أُنُفا

إِن تَبقَ فيها لَهُم فَقَد سَعِدوا

رُزِقتَ مِن وُدِّهُم وَطاعَتِهِم

ما لَم يَجِدهُ لِوالِدٍ وَلَدُ

أَثلَجُهُم مِنكَ أَنَهُّم عَلِموا

أَنَّكَ فيما وُلِيتَ مُجتَهِدُ

وَأَنَّ ما قَد صَنَعتَ مِن حَسَنٍ

مِصداقُ ما كُنت مَرَةً تَعِد

أَلَّفتَ أُهواءَهِم فَأَصبَحَتِ الأَضْ

غانُ سَلماً وَماتَتِ الحِقَدُ

كُنتُ أَرى أَنَّ ما وَجَدتُ مِن الفَر

حَةِ لَم يَلق مِثلَهُ أَحَدُ

حَتّى رَأَيتُ العِباد كُلَّهُمُ

قَد وَجَدوا مَن هَواكَ ما أَجِدُ

قَد طَلَبَ الناسُ ما بَلَغتَ فَما

نالوا وَلا قارَبوا وَقَد جَهَدوا

يَرفَعُكَ اللَهُ بِالتَكَرُّمِ وَالتَق

وى فَتَعلوا وَأَنتَ مُقتَصِدُ

حَسبُ اِمرىءٍ مَن غِنىً تَقَرُّبُهُ

مِنكَ وَإِن لَم يَكُن لَهُ سَبَدُ

فَأَنتَ أَمنٌ لِمَن يَخافُ وَلِل

مَخذولِ أَودى نَصيرُهُ عَضُدُ

كُلُّ اِمرِىءٍ ذي يِدٍ تُعَدُّ عَلَي

هِ مِنكَ مَعلومَةٌ يَدٌ وَيَدُ

فَهُم مُلوكٌ ما لَم يَرَوكَ فَإِن

داناهُمُ مِنكَ مَنزِلٌ خَمَدوا

تَعروهُمُ رِعدَةٌ لَدَيكَ كَما

قَفقَفَ تَحتَ الدُجُنَّةِ الصَّرِدُ

لا خَوفَ ظُلمٍ وَلا قِلى خُلُقِ

إِلّا حَلالاً كَساكَهُ الصَمَدُ

وَأَنتَ غَمرُ النَدى إِذا هَبَطَ الزُوْ

وارُ أَرضاً تَحُلُّها حَمِدوا

فَهُم رِفاقٌ فَرُفقَةٌ صَدَرَت

عَنكَ بِغُنم وَرُفقَةٌ ترِدُ

إِن حالَ دَهرٌ بِهِم فَإِنَّكَ لا

تَنفَكُّ عَن حالِكَ الَّتي عَهِدوا

قَد صَدَّقَ اللَهُ مادِحيكَ فَما

في قَولِهِم فِريَةٌ وَلا فَنَدُ

ما يُبقِكَ اللَهُ لِلأَنامِ فَما

يَفقِد مِن العالمينَ مُفتَقَدُ