حل المشيب ففرق الرأس مشتعل

حَلَّ المَشيبُ فَفَرقُ الرَأسِ مُشتَعِلُ

وَبانَ بِالنُكرِ مِنّا اللَهوُ وَالغَزَلُ

فَحَلَّ هذا مُقيماً لا يُريدُ لَنا

تَركا وَهذا الَّذي نَهواهُ مُرتَحِلُ

شَتّانَ بَينَهُما لَو دافَعَت حِيَلٌ

مَكروهَ ذاك وَلكن تُغلَبُ الحِيَلُ

هذا لَهُ عِندَنا نَورٌ وَرائِحَةٌ

كَنَشرِ رَوضٍ سَقاهُ عارِضٌ هَطِلُ

وَجِدَّةٌ وَقبولٌ لا يَزالُ لَهُ

مِن كُلِّ خُلقٍ هَوىً أَو خُلَّةٍ نَفَلُ

وَالشَيبُ يَطوي الفَتى حَتّى مَعارِفُهُ

نُكرٌ وَمَن كانَ يَهواهُ بِهِ مَلَلُ

يَبلى بِلى البُردِ يَوماً بَعدَ قُوَّتِهِ

وَهنٌ وَبَعدَ ثَناءٍ خُطوهِ رَمَلُ

أَلَم تَرَ المَرءَ نَصباً لِلحَوادِثِ ما

تَنفَكُّ فيه سِهامُ الدَهرِ تَنتَضِلُ

إِن يُعجِل المَوتُ يَحمِلهُ عَلى وَضَحٍ

لَجبٍ مَوارِدُهُ مَسلوكَةٌ ذُلَلُ

وَإِن تَمادَت بِهِ الأَيّامُ في عُمُر

يَخلُق كَما رَثَّ بَعدَ الجِدَّةِ الحُلَلُ

ثُمَّ يَصير إَلى أَن يَستَمِرَّ بِهِ

رَيبُ المَنونِ وَلَوطالَت بِهِ الطيلُ

وَالدَهرُ لَيسَ بِناجٍ مِن دَوائِرِهِ

حَيٌّ جَبانٌ وَلا مُستَأسِدٌ بَطَلُ

وَلا دَفينُ غَياياتٍ لَهُ نَفَقٌ

تَحتَ التُرابِ وَلا حوتٌ وَلا وَعَل

بَل كُلُّ شَيءٍ سَيُبلي الدَهرُ جِدَّتَهُ

حَتّى يَبيدَ وَيَبقى اللَهُ وَالعَمَلُ